تشكو معظم البيوت السعودية من مشاكل العاملات المنزليات، ويتذمر كثير من الرجال من زوجاتهم بسبب عدم قدرتهن على الاستغناء عن العاملة المنزلية. وبعيدا عن التحيز لأي من الطرفين، فإنه وبعد إلقاء نظرة فاحصة للبيوت السعودية نجد أن تركيبة البيوت من ناحية البناء والتصميم والمساحة، تُعد عملا شاقا لا تستطيع المرأة وحدها الالتزام به، هنا أتحدث عن ساكني البيوت والفلل. وحتى سكان الشقق والبيوت الصغيرة لا تختلف جدولة منازلهم كثيرا عن ذوي البيوت الكبيرة، إذ إن عملية التنظيف والكنس لا بد وأن تكون يومية خصوصا مع الأجواء الغبارية التي تعج بالبيوت بطبقات من الأتربة، مما يدعو إلى ضرورة أن تكون عملية التنظيف الشاملة يومية وأحيانا يستدعي الأمر أن تحدث أكثر من مرة في اليوم.
أما من ناحية أعمال المطبخ بشكل كامل، فإن طبيعة الأسر السعودية تتعاطى الأطعمة الدسمة، وكلما زاد عدد أفراد الأسرة زادت تشكيلة الأطباق، فمثلا في أسرة مكونة من أربعة أشخاص لن تكون على سفرة الغداء أقل من نوعين من الطعام، هذا عدا السلطات والمقبلات وطبق الحلوى الذي يجمع الأسرة مع الشاي والقهوة. وبما أننا على هذا الشكل من ناحية البيوت والأبنية والخصائص المناخية، والمتطلبات العائلية، فإنه من الظلم للمرأة أن تقوم بكل هذه الأعباء وحدها، لذا لا بد من أن تستعين بعاملة منزلية تساندها في هذه الأعمال، وقد تحتاج لأكثر من عاملة إذا كانت موظفة، أو لديها ارتباطات عملية أو اجتماعية قد تتسبب في غيابها عن المنزل أكثر من ربة البيت المتفرغة.
أيضا يسيطر على -بعض- الرجال، فكرة أن المساهمة في أعمال المنزل ومساعدة الزوجة هو تقليل من رجولته، لأنه تربى على نوعية معينة من المعاملة تُبرز رجولته في كونه مخدوما مطاعا، مع أنه ومن خلال وجهة نظري الشخصية، لا أرى في مساهمة الرجل في الأعمال المنزلية أي تقليل بل إن هذا يرفعه في نظر امرأته، لأنه يقوم بخطوات عملية توضح حجم محبته لها، ورغبته في رفع بعض الأعباء عنها، قد أتفق وإياكم إلى هنا، لكن ماذا لو كانت الأعمال المنزلية بالمحاصصة بين الزوج والزوجة، فلا يتفضل بها أحد على الآخر، بحيث تكون مهاما يومية وواجبات على كل منهما إنجازها في جو من المشاركة والعمل الجماعي، لأن الرجل الذي يساعد زوجته يُفسد كل الأعمال الجميلة التي قام بها، إن هو اعتبرها تفضلا منه! لذا فإن هذه المشاعر الصغيرة والتعبيرات التي قد تُغير مسار وشكل المشاركة الزوجية، هي من أهم الأمور التي من الواجب مراعاتها من الطرفين، وهي كفيلة بتغيير الأجواء الحياتية والروتين القاتل داخل البيوت، والذي يكون البحث عن كسره بالإجازات والعطل، فمن الممكن أن يكون تغيير الروتين بتغيير أنماط الحياة يوميا، وبهذا فإن المنزل الذي يعتمد على عاملتين قد يستغني عن واحدة، والمنزل الذي يحتاج لعاملة واحدة قد يستغني عنها تماما، ويجلب في الوقت ذاته أجواءً من السعادة، كما في الدراسة البريطانية المنشورة مؤخرا ونتائجها من صالح الرجل، بعد أن أثبت فريق من الباحثين أن الرجل الذي يساعد زوجته في أعمال المنزل يشعر بالاسترخاء ويتخلص من توتر الضغوط اليومية، كما في الدراسة أن هذا النوع من البيوت تقل في المشاجرات والنزاعات.
أتصور أن البحث عن السعادة في حياتنا لن يكون بعيدا أو يحتاج إلى تنقيب في أعماق الأرض، ولا هو بعملية بحث شاقة، إذ أن سُبل وأشكال السعادة سهلة ومتوفرة ومتاحة للجميع.
www.salmogren.net