ما زلنا نعيش زمن الربيع العربي، ننتظر ونلاحق الأحداث هنا وهناك لعل خبراً مبشّراً يفاجئنا ويجعلنا نتفاءل بمستقبل أجمل..
في بداية حدوث الثورات قرأنا وسمعنا كلمات جميلة حولها إلا أن ما يحدث في سوريا لا ينبئ إطلاقاً بأثر للربيع وإنما هو الجحيم العربي (إن جاز لنا أن نسميه كذلك)! هو الجحيم إذن كأقسى وأسوأ وأفظع ما يكون! ما يحدث في سوريا يشيب له الولدان، يجعلك تشعر بألم وحرقة على أولئك الضحايا وأنت تتساءل وتحاول استحضار ما يستوعبه خيالك من صور مرعبة، كم من الألم عايشه هؤلاء البشر، رحم الله أمواتهم وأحياءهم أينما كانوا..
ها هو بشار يسفر عن أبشع وجه له، وجه الطاغية الظالم الذي لم يبق ولم يذر، وقبله والده في تلك المجزرة الشهيرة التي مضى على حدوثها ثلاثون عاماً، مجزرة حماة، تلك المجزرة المفجعة التي بقيت طي الكتمان والنسيان، حيث لم تصل إلينا موثّقة سوى مؤخراً وربما ساهم عدم تطور وسائل الإعلام وأيضاً الوسائل التكنولوجية إضافة إلى غياب وسائل التواصل الاجتماعي في ذلك الحين، كل ذلك ربما ساهم مساهمة كبيرة في تغييب هذه القضية، لكن فيما يبدو أنه منذ ذلك الحين عاش السوريون رعباً وخوفاً وخمدت أصواتهم.. يبدو أن هذه المذبحة وذلك البطش والتنكيل الذي بلغ مداه وتجاوز حدود الإنسانية إلى الوحشية كل ذلك جعل السوريين يؤثرون السلامة على أن يغيّروا شيئاً من ذلك الحكم الذي امتدّ ليأتي لنا بالابن الذي لا يقل شراسة ودموية عن أبيه يبدو الأمر مذهلاً، أتساءل: أي قدر هو ذاك، أن نكتشف مع الوقت أن بعضاً من حكامنا في الوطن العربي هم نموذج آخر لصدام الذي رحل مشنوقاً صباح عيد الأضحى منذ سنوات، والذي لم نصدق يوماً بأن ثمة من بقي في عالمنا لا يزال يحمل شيئاً من سماته، أي قدر أن يكون في أفقنا العربي حكام مرضى بالتسلط والديكتاتورية والاستبداد والذي شعار أحدهم الشهير، أنا ومن بعدي الطوفان، أنا الأرض والحياة، ولا بقاء لكم بدون أنا، سأبقى حاكماً ولو لم يبق فيكم إنسان واحد، ليس إلا أنا وأنا..
دارت عربة الزمن لتخبرنا الأيام بسؤات وجنايات أخرى سبق إن ارتكبها القذافي أيضاً، حيث سبق له أن قام بقمع ثورة كانت ضده ولشدة انتقامه فقد ترك الجثث في الثلاجات دونما دفن لمدة تجاوزت سبعة وعشرين عاماً.. ثم الآن ها هو سيئ الذكر والطباع والخاتمة التي ستكون قريباً بإذن الله للظالم، فرعون العصر الحديث بشار، اللهم بشّرنا بأشد النهايات المميتة له عاجلاً غير آجل، واجعله يا رب عبرة لمن اعتبر جزاء ما فعل من قتل للأطفال والشيوخ والنساء، وتشريد لشعب بأكمله.