مهدي حسن :
هل تم وصفك من قبل بأنك إسلامي؟ ماذا عن جهادي أو إرهابي؟ أو ربما متطرف؟
مرحبًا بكم في عالمي. إنه شيء محبط للغاية، ففي كل صباح أتخذ نفسًا عميقًا ثم بعد ذلك أذهب إلى شبكة الإنترنت لاكتشف ما هي الإهانة أو التهمة الجديدة التي تم الصاقها بي، سواء كانت تغريدة على تويتر أو كتابة على مدونة أو سلسلة من التعليقات الشرسة والشريرة.
عندما بدأت عملي في مجال الكتابة لم أتخيل مطلقًا أنني سأكون ضحية لمثل تلك الهجمات الشخصية المعادية للإسلام بصورة شبه يومية. فعندما انضممت إلى مجلة «نيوستيتسمان» عام 2009، كنت باستمرار عرضة لحملة تشوية إليكترونية، بما في ذلك سلسلة من الفيديوهات المجمعة والمختارة بعناية لخطب ألقيتها أمام مجموعة من طلاب الجامعات من المسلمين منذ عدة سنوات، حيث اتهمت بأنني عضو سري بالجماعة المتطرفة «حزب التحرير»، وأنني «مسلم خطر» على طريقة اتهامات المنتمين للنازية.
حالياً فإن ذكر كلمة «إسلام» أو «مسلم» يستدر مستويات مرعبة من الهيستريا والكراهية على الشبكة العنكبوتية. ولكوني أحد اثنين مسلمين من كتاب الأعمدة في الإعلام العام البريطاني، حيث الأخرى هي ياسمين علي بهائي براون من (الإندبندنت)، فإنني أحظى بشرف تلقي الجزء الأكبر من تلك الإهانات!
في الأول من أغسطس 2011 على سبيل المثال، كتبت عمودًا خفيفًا في (الجارديان) عن رمضان، لأوضح فيه كيف يتأقلم الرياضيون المسلمون مع الصيام أثناء المنافسات، وقد استفزت المقالة عددًا هائلاً من التعليقات بلغ 957 تعليقًا، وهو رقم قياسي في تاريخ الجريدة، الغالبية العظمى منها كانت ناقمة أو مهاجمة، أو الاثنين معًا، وقد كتب أحدهم مستغربًا: «هناك الكثير مما يمكن أن ننتقد الإسلام فيه، ولكن هذا الكم الكبير من الكراهية في تلك التعليقات على مقال يتعلق بشيء غير مؤذ مثل الصوم، فإن ذلك يجعل المرء يتعجب حقًا».
من وجهة نظري، فإن الكتاب البريطانيين يمكن تقسيمهم إلى ثلاث مجموعات، الأولى تتكون من قلة من الصحفيين الذين يتحدثون بصورة مستمرة ضد تصاعد مد التعصب ضد المسلمين، وهم من (التيليجراف) هناك بيتر أوبورن بالإضافة إلى مجموعة من كتاب (الجارديان)، بما في ذلك جوناثان فريدلاند وسيوماس ميلني وجاري يانج.
والمجموعة الثانية تتكون من كتاب مثل ميلاني فيليبس من جريدة (جلوب أند ميل) و شارلز مور من (التيليجراف)، ودوجلاس موراي من (سبيكتاتور)، الذين يرون الإسلام والمسلمين على أنهم غرباء ومعادين ويمثلون تهديدًا. فقد كتب فيليبس بصورة سيئة عن أن المسلمين يشكلون «طابورًا خامسًا بيننا»، أما موراي فقد كتب عن «تطبيق شروط صارمة تحد من قدوم المسلمين إلى أوروبا يجب أن يتم تطبيقها على الجميع».
والمجموعة الثالثة، ربما هي الأكبر عددًا، ولكنها تثير قلقي بالقدر الأكبر على الإطلاق: فأولئك الكتاب يهاجمون المعادين للعنصرية بشكل عام، ولكنهم يستثنون من ذلك الكتابات التي تروج لكراهية الإسلام، ومن بينهم صحفيون لا يكترثون بانتشار المشاعر المعادية للمسلمين عبر أوروبا، ناهيك عن إدانة ذلك، ولا يعترفون بحقيقة أن استهداف الضعفاء ملوني البشرة من الأقليات الإسلامية هو نوع من أنواع العنصرية.
أنا أحد محبي المناظرات القوية، كما أنني لا أمانع من التعرض لهجوم أو مغالطات شخصية بالنسبة لي، وهذا بالمناسبة ليس نوعًا من الرغبة في الدخول في مناظرات نيابة عن مسلمي بريطانيا، كما أنني لا أستثني معتقداتي الإسلامية ذاتها من الانتقاد، ولكن الحقيقة هي أنك الآن تستطيع أن توسم المسلمين بأي شيء، حتى بين النخبة وممثلي التيارات اليسارية والليبرالية، الذين بوسعهم مهاجمة أي مجموعات أقلية أخرى، وتلك كلها لا يجب أن تمر مرور الكرام. وعلى سبيل المثال فان صادق خان، وزير العدل لحكومة الظل البريطانية عن حزب العمال، قد اتهم بتبنيه لرؤى «متطرفة» بعدما دعا إلى «سياسة خارجية أكثر استقلالاً» وتم ربطه بصورة زائفة هو الآخر بحزب التحرير. وفي أبريل الماضي، تم إيقاف زميله في حزب العمال، اللورد أحمد، عن العمل الحزبي بعدما اتهم زورًا برصده مكافأة قدرها 10 ملايين جنيه إسترليني نظير رأس باراك أوباما، (وتم رفع الحظر عنه بعد ذلك).
إذا كان المسلمون أمثال خان وأحمد وأنا كلنا متطرفين سريين، فمن المعتدلون؟! ولكن يبدو أن تلك هي الرسالة الضمنية التي يرغبون في إيصالها: لا يوجد معتدلون بين المسلمين، فإذا حاول بعضنا أن يشارك في الحياة العامة ويساهم في المناظرات السياسية فدائمًا ما يتم اطلاق حملات التشكك وعدم الثقة ضدنا، فأي أمل إذن يتبقى لآلاف الشباب من مسلمي بريطانيا الذين يشعرون بالتغريب والتهميش السياسي؟ لقد اعتدت على تشجيع الطلاب المسلمين بالانخراط في الإعلام أو السياسة، ولكنني الآن أجد من الصعوبة فعل ذلك. لماذا أريد لأي شخص آخر أن يمر بما مررت به؟ صدقوني، المسلمون ليس لديهم جلد أكثر سمكًا من غير المسلمين، فهم لديهم المشاعر ذاتها.
ما تعرضت له في إطار الحملة العدائية الشرسة ضد الإسلام، والتي صاحبها انتهاكات شخصية تلقيتها على شبكة الإنترنت، جعلني أشعر بمشاعر أقل ما توصف به هو الإحباط، فقد كان هناك أوقات رأيت فيها زوجتي جالسة القرفصاء على الأريكة دامعة العينين، بعدما اكتشفت بعضًا مما كتب ضدي من تعليقات شريرة ومهددة، وذلك على موقع مجلة (نيوستيتسمان)، وعندها تساءلت إذا كان الأمر برمته يستحق ذلك؟
ربما كان هناك صوت في عقلي الباطن يدفعني إلى الاستسلام والذهاب للبحث عن مجال عمل أقل تهديدًا وأكثر تحضرًا من ذلك، ولكن هذا بالضبط ما يريده أصحاب الصوت العالي، أن يصمتوا المسلمين!
لا يجب علي أن أستسلم أمام كل تلك الانتهاكات، لن أسمح لكراهية الإسلام أن تنتصر، وأنا أجرؤ أن أسأل الجميع هذا السؤال: من يشاطرني هذا الشعور؟
* (الجارديان) البريطانية