وقفة شعرية أمام رحيل الممرض السعودي إبراهيم البخيتان الذي ذهب إلى سوريا بماله ونفسه مسانداً للمنكوبين ومداوياً للجرحى وقُتل هناك قبل يومين برصاص جيش الطاغية..
بمالي ونفسي جئت يا رب شارياً
جناناً ورضواناً فحققهما ليا
أتيت إلى الشام الجريح بهمة
أداوي جريحاً أو أطمئن شاكيا
وجدت هنا يا رب ظلماً وقسوةً
وإجرام طغيان يهزّ الرواسيا
ذئاب لها طبع الكلاب تنابحت
فما تركت تلاً وسهلاً ووادياً
دها الشام منها ما دهاه وإنه
لأمر فظيع يستثير البواكيا
رأيت هنا يا رب جيشاً مفرغاً
من الروح مجبولاً على الحقد قاسيا
إذا ما رأى طفلاً رماه بطلقة
فأصبحت الأشلاء تلعن راميا
وحين يرى شيخاً يفجّر رأسه
فتنكر عيني أنه كان ماشيا
وحين يرى داراً تواري نساءها
يفجّرها حتى يرى الدم جاريا
وحين يرى أنثى تصيح وحيدة
وقد فقدت أهلاً ولم تلق حاميا
يمد إليها قاسياً كف خائن
فيمضي وقد أمسى على العرض جانيا
رأيت هنا يا رب في الشام ثورة
تواجه ظلماً في ربى الشام طاغيا
إلهي رأيت الشام تحمل همها
وتحمل جرحاها وتلقى المآسيا
وأبصرت في درعا جرائم حاكم
يدك ربوع الشام بالجيش غازيا
فجئت بمالي للضعاف مسانداً
وجئت لمن يشكو الجراح مداويا
تركت ورائي عرعر الحب والصبا
وأهلي وأيام الشباب الخواليا
أخذت معي روحي ومالي وما هما
بشيء إذا حققت فيك الأمانيا
أقول لإبراهيم بعد رحيله
وقد أسرج الشعر الأصيل القوافيا
رحلت رحيلاً يعشق الحر مثله
إلى نصرة المظلوم في الشام ساعيا
كأني أرى في ثغر عرعر بسمة
تصبر من يبكي ومن كان شاكيا
مضى قبلك الآلاف من أهل شامنا
فلا سلّم الله العدو المجافيا
إلهي ولولا أنت يا رب ما صفا
فؤاد ولا أمسى مع الهم راضيا
إلهي لإبراهيم فيك رجاؤه
فحقق لإبراهيم ما كان راجيا
وحقق لنا في الشام نصراً مؤزراً
يكون لآثار المصيبة ماحيا