ما إن يحل شهر رمضان حتى تبدو ظواهر غريبة، وتظهر أحداث جديدة منها زيادة حوادث الحرائق المنزلية.. وكأن الناس لا يطبخون إلا في رمضان أو لا يتوخون معه وسائل السلامة، أو أن هناك أمراً مجهولاً! وبات من الطبيعي سماع صوت منبهات سيارات المطافئ قبل انطلاق أذان المغرب! والعجيب أن الدفاع المدني يدرك ذلك مبكراً حيث تبدأ تحذيراته قبل دخول الشهر الكريم ويكون في كامل جاهزيته تحسباً لأي حادث.
والمؤلم بالأمر ليس حصول حالات حرق أو اختناق فحسب؛ بل وقوع وفيات داخل الأسرة وأحياناً تقضي جميعها نحبها، مما يشير - بعد مشيئة الله - إلى سوء التصرف في حالات الحريق، وجهل مطبق بأصول السلامة وانعدام وسائلها من طفايات الحريق، أو أجهزة الإنذار منه.
وبحسب تقارير الدفاع المدني فإن الحوادث المنزلية تأتي في صدارة الحوادث التي باشرتها فرقها ووحداتها في المملكة، تليها حوادث الأطفال، مثل السقوط من فوق السلالم، ومن ثم الاحتجاز في أماكن مُغلقة، تتبعها حوادث المسابح، وتضاهيها حالات العبث بالمواد الكيماوية كالمنظفات.
ويبقى تجاهل أصحاب مشاريع المنشآت السكنية وبناء المنازل لتعليمات الدفاع المدني الخاصة في الأعمال الإنشائية والتمديدات الكهربائية، وعدم توفير مخارج للطوارئ، ووضع حواجز حديدية ثابتة على النوافذ وغيرها، من الأمور التي تمثل معوقاً لجهود رجال الدفاع المدني أثناء مباشرة الحوادث المنزلية مما يزيد الوضع سوءاً وتصعب معه عمليات الإنقاذ.. كما أن عدم صلاحية الشبكات والتوصيلات الكهربائية ورداءتها وسوء تمديدات أنظمة الغاز وتلف توصيلات الأنابيب من الأسباب الرئيسة في اندلاع الحرائق، فضلاً عن السرعة والفوضى في إعداد الأطعمة والاستخدام الجائر للزيوت كلها مسببات أخرى تضاف لتلك الأسباب.
ولا شك أن ضعف الوعي الوقائي يؤدي إلى الإهمال وبالتالي حصول حوادث قاتلة، وغالباً ما تسيطر الاجتهادات والانفعالات والهلع على التصرفات، بالإضافة لحالة الارتباك والاختباء بمكان خطر قد تصله النار، مما يضاعف الأضرار.. وعليه ينبغي على الأسرة العصرية وضع خطة شاملة لسلامة أفراد الأسرة والقيام بتجارب إخلاء وهمي، وفيها يتم إسناد المسؤوليات وتوزيعها مثل إيقاظ وإجلاء الأطفال وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، والإسراع لقطع التيار الكهربائي وإغلاق أنابيب الغاز، وتدريب الأطفال على كيفية التعامل مع الحرائق المنزلية، وتحديد نقطة تجمع متعارف عليها في المنزل، وتعريف أفراد الأسرة بأرقام الطوارئ مثل رقم الشرطة (999) ورقم الدفاع المدني (998) والإسعاف (997) ووضعها في مكان بارز أو على لوح التذكير.. وضرورة توفير صيدلية إسعافات أولية بالمنزل والمعرفة التامة للتعامل مع الحالات المصابة دون إلحاق ضرر بها، وتأمين طفايات الحريق ومتابعة صيانتها وتدريب أفراد الأسرة على كيفية استخدامها.
وإنني أرجو للجميع صياماً مقبولاً وأياماً مطمئنة وألا تحصل في هذا الشهر الكريم حوادث أو عوارض تكدر صفو روحانيته، وتعكر نقاءه.
rogaia143@hotmail.comTwitter @rogaia_hwoiriny