عندما لمَحتُ العنوان المثير في «الجزيرة» بأن المملكة قد قفزت في سلم ترتيب دول العالم أكثر من 62 مرتبةً واحتلت المركز 29 بين 101 دولة مُشارِكة في مسابقة أولمبياد الرياضيات الدولي الذي أقيم هذا الشهر في الأرجنتين قررتُ أن أقرأ الموضوع حتى نهايته، ولم أكن لأهتم به لو جاء فيه أن المملكة قد حققت المركز الأول أو حتى العاشر لأننا أصبحنا نتوجس من هذه الأرقام التي قد توحي بالمبالغة في إنجازاتنا.
وابتداءً؛ لم يعد هنالك من شك في أن الرياضيات هي الركيزة الأساسية لتحقيق التقدم. وقد كانت الرياضيات هكذا دائماً إلا أنها في زمننا الحاضر أصبحت أكثر أهمية من أي وقت سابق. فكل ما ننعم به من تقدم في مجال الطب والمواصلات والاتصالات والزراعة والملاحة والعمران وكل الأساسيات التي يقوم عليها عالم اليوم تعتمد بشكل كبير على الرياضيات. وبسبب ذلك فإن الدول المتقدمة هي الدول المتفوقة في الرياضيات؛ وقد كان العرب متقدمين على غيرهم عندما كانوا رواد العالم في الرياضيات والعلوم.
حقاً إنه خبر مفرح أن يحقق أبناؤنا هذه النتيجة في مسابقة عالمية في الرياضيات. ويجب أن لا نستقِل أو نهوِّن من المركز التاسع والعشرين، فعدد الدول المشاركة مائة ودولة واحدة (101 دولة)، وقد كان ترتيب المملكة في العام الماضي سبعين وفي عام 2008 كان ترتيبها 94.
لكن ما لم أستطع فهمه هو أن دولاً مشهوداً لها بالتقدم مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبعض الدول الأوروبية الأخرى جاءت في مراكز متأخرة في هذه المسابقة.. فهل نحن أفضل من هذه الدول؟ ومع ذلك، لن أحَمِّل الأمر أكثر مما يحتمل، فالمسابقة -في النهاية- هي بين أفراد ولا تقيس بالضرورة المستوى العام للإنجاز والتحصيل في مجال الرياضيات بين طلاب المملكة، وبالتالي فليس من المستحيل أن يفوز أشخاص من دول نامية في أي مسابقة عالمية على زملاء لهم من دول متقدمة، خصوصاً أن طلابنا قد تم اختيارهم وتدريبهم وتهيئتهم للمسابقة بإشراف خبراء سعوديين وعالميين من مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع (موهبة) ووزارة التربية والتعليم.
أعتقد أن هذه المشاركة مرت عابرة في الإعلام السعودي برغم أهمية الموضوع، وربما يعكس ذلك سأم الناس من الأرقام التي تبرز المملكة أحياناً في مواقع متقدمة في المقارنات الدولية بشكل يرى البعض أنه ينطوي على مبالغات أو انتقائية في العناصر المحددة للنتيجة النهائية. ولعل المشرف العام على الفريق السعودي الدكتور عبدالعزيز الحارثي يلقي المزيد من الضوء على ما تم تحقيقه في الأرجنتين.
أخيراً لفت انتباهي أن ثلاثة من الطلبة الخمسة الفائزين هم من ينبع، وأن اثنين منهم من نفس المدرسة.. فهل السر في ينبع أم في المدرسة أم الطلاب أم في المسابقة.. أم في هذا كله؟
مبروك للفائزين ولنا جميعاً.
alhumaidak@gmail.comص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض