كان يجب على هيلاري كلينتون أن تسير على خط دبلوماسي رفيع للغاية أثناء زيارتها الأخيرة إلى مصر، فأثناء زيارتها لمحمد مرسي بعد أسبوعين فقط من توليه منصبه ليصبح أول رئيس منتخب ديمقراطيا، حثته وزيرة الخارجية الأمريكية على فتح حوار مع الجيش من أجل التوصل إلى حكم مدني كامل.
كما أنها حملت رسالة مشابهة أيضاً إلى المشير محمد حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، فالجانبان -طنطاوي ومرسي- على طرفي نقيض بسبب البرلمان الذي هيمن عليه الإسلاميون وقامت المحكمة الدستورية العليا الشهر الماضي بحله، بحجة أن ثلث البرلمان تم انتخابه بصورة غير دستورية، في حين أصدر الرئيس مرسي، الذي يسيطر حلفاؤه من الإخوان المسلمين على الكثير من مقاعد البرلمان، قراراً بعودته إلى الانعقاد مرة ثانية.
سلوك واشنطن تجاه ذلك الموقف المتوتر جاء متناقضاً؛ فبينما أثنى على سير الجنرالات نحو الديمقراطية، فإن الولايات المتحدة لا تزال قلقة من الإخوان المسلمين، وترى الجيش على أنه، في الوقت الراهن على الأقل، قوة كابحة لنفوذهم. أي نفوذ لواشنطن على الجيش يأتي من كونها توفر المساعدات التي تم استئنافها في مارس الماضي بعد خمسة أشهر من التوقف، تلك المعونات التي تصل إلى 1.5 مليار دولار سنوياً، بما في ذلك 1.3 مليار دولار من المعدات العسكرية، وهناك مليارات أخرى وعدت بها إدارة أوباما العام الماضي، لم يتم تسليمها بعد.
الولايات المتحدة كحليف قديم لحسني مبارك ينظر لها الاخوان المسلمون بتشكك، كما أن الجيش أظهر أكثر من مرة أنه لن ينحني أمام الضغوط التي تأتي عليه عبر الأطلنطي، لذا فإذا حاولت واشنطن أن تعقد مصالحة سلمية بين الطرفين فإن ذلك سيكون له نتائج عكسية. كل ما تستطيع الولايات المتحدة أن تفعله حالياً هو التشجيع على حوار داخلي بين النخبة السياسية المصرية المنقسمة بصورة كبيرة، وفي سعي واشنطن نحو ذلك الهدف، يبدو أن زيارة السيدة كلينتون، التي استغرقت يومين، كانت في الوقت المطلوب تماماً.
افتتاحية (التليجراف) البريطانية