{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أو عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أيام أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}. صدق الله العظيم.
عدت قبل رمضان للصيام في الوطن - بعد زيارة لاسطنبول حيث قضيت بضعة أسابيع في إجازة.
ووجدت في هذا البلد الجميل تجربة ناجحة لتعايش الأصالة والمعاصرة دون تخوُّف من فقدان الهوية، كنت أطل على ساحل البوسفور وأرى هلال شعبان يتحوّل إلى بدر مكتمل.
وعبر المضيق المميّز الذي يفصل بين قارتيْ آسيا وأوروبا، أرى الجزء الآسيوي من تركيا، البلد التي كانت آخر مقر لـ»الخلافة الإسلامية».
أزورها هذا العام لأول مرة وأسمع من كل من حاورت من أهلها ومن الزائرين، أنها في السنوات الأخيرة غير ما كانت حتى قبل عشر سنوات، فهي تعايش تطوراً ونمواً اقتصادياً مذهلاً، وتصعد بقوة لتكون مركز قوة إقليمياً.
أفكر في تاريخ هذه الدولة وعلاقتها بفكرة الأمّة.
تركيا العثمانية وقبل نجاح السلطان في عبور البوسفور وانتزاعه ما وراءه من سلطة البيزنطيين، عرفت تركيا غزوات متعدّدة من الشرق والغرب والشمال من قبل المغول والفرس والآشوريين والرومان واليونان والبيزنطيين، ثم أصبحت مؤسسة الخلافة الإسلامية العثمانية حتى قضى عليها بعد الحرب العالمية الأولى.
أما اليوم فهي دولة تقف في منتصف العالم تغانج انتماءات متعدّدة مع المسلمين ومع الغرب ومع دول المتوسط.
تركيا مثل ماليزيا التي زرتها لأول مرة في العام الماضي لم تنس انتماءها الإسلامي، ولكنها وازنت بينه وبين متطلّبات المرحلة ومستجدات العولمة.
***
رمضان عادة يعيدنا في العالم كلّه إلى عمق الإحساس بانتمائنا لأمّة الإسلام.
ولكن معايير ومشاعر هذا الانتماء وعمق الإحساس بها تتفاوت من موقع إلى آخر.
زيارة للصلاة في المسجد الأزرق، تعيد إلى الذهن مشاعر الفخر بالانتماء الإسلامي، مثلما تعيدنا زيارة الأندلس إلى مشاعر الحزن لفقدان دولة العرب فيه.
كان الدين ورقيّ العلم وبناء الرخاء دائماً عاملاً مهماً في توحيد الامتدادات الجغرافية المترامية والحفاظ عليها متماسكة الارتباط.. أو فقدانها.
***
كلُّ عام وأنتم بخير في كلِّ العالم الإسلامي الشاسع.
ينعاد علينا الشهر ونحن متآخين أمّة عربية إسلامية موعودة بالخير.