|
بقلم: مارك بلايث وستيفان كينسيلا
تميّزت القمة الأخيرة المتعلقة بأزمة اليورو عن سابقاتها التسع عشرة بجانب واحد بالغ الأهمية، ألا وهو أن قسم العلاقات العامَّة في الاتحاد الأوروبي نجح في التعامل مع هذه القمة بشكل جيد، إلا أن الآمال المعقودة بدأت مجددًا تتبدّد ببطء. والفكرة الكامنة وراء المناورة الأخيرة تتمثِّل بأن إعادة هيكلة رؤوس أموال المصارف الأوروبية سيقلّص الترابط بين الملاءة الائتمانية للنظام المصرفي الخاص بكلِّ دولة والملاءة الائتمانية للدولة بحد ذاتها.
وإذا كانت ميزانيات المصارف مثقلة بالديون ومليئة بأوراق دين حكومية تتراجع قيمتها بسرعة، فإن المخاطر المنطوية عليها تتحوّل إلى مخاطر بالنسبة للدولة والعكس صحيح. وحدث ذلك بسبب هيكلية نظام اليورو المليئة بالثغرات، حيث إن الدول المرتبطة باليورو لا يمكنها الالتزام بإنقاذ مصارفها بشكل موثوق.
وبالتالي، عندما ينتهي الأمر حتميًّا بمصارفها إلى التعثّر، ينعكس ذلك في عائداتها السيادية.
ولهذا السبب قررت الدول الدائنة استخدام «آلية الاستقرار الأوروبي» لإعادة هيكلة الميزانيات العمومية المتضررة المصارف الأوروبية بشكل مباشر. وكان المشاركون في السوق متحمسين في بادئ الأمر، إلا أن العائدات تشهد حاليًّا ارتفاعًا في ظلِّ إدراك الأسواق ثلاثة عناصر تفصيلية بشأن الاتفاق:
1. إن حجم «آلية الاستقرار الأوروبي»، أو صندوق الإنقاذ، ليس كافيًا إلى حد الآن لمواجهة المشكلات المشتركة القائمة، حيث إنه لا يمكن لهذه الآلية أن تكون ملاذًا أخيرًا للحصول على قروض لأنَّ مدفوعاتها خاضعة لفيتو الدول المساهمة. فالملاذ الأخير في عملية الإقراض يجب أن يكون المصرف المركزي، إلا أنه عاجز من حيث تنظيمه عن اتخاذ أي خطوة مماثلة، أضف إلى ذلك أنه ما من مشترٍ نهائي للسندات السيادية الأضعف في منطقة اليورو. ويشير عدم استعداد المركزي الأوروبي لتأدية هذه الوظائف إلى أن دولاً مثل إسبانيا وإيطاليا قد تضطَر للخروج من السوق متى تم الاعتبار مجددًا أن الدَّولة لا يمكنها فعليًّا أن تضمن نظامها المصرفي.
2. ولا تزال الطريقة المحددة التي ستقوم «آلية الاستقرار الأوروبي» بموجبها بإعادة هيكلة رؤوس أموال المصارف «المنهارة أساسا» غير واضحة. فإن العديد من الدول اتخذت حصصًا مساهمةً كبيرةً في مصارفها. فهل ستعمد الآلية إلى شراء هذه الحصص من هذه الدول؟ وإن قامت بذلك، فبأي ثمن؟
3. هذا ويستمر تردّي معدلات الدين إلى إجمالي الناتج المحلي في الدول الكبرى لمنطقة اليورو - بغض النظر عن أي نجاح استثنائي قد تحققه «آلية الاستقرار لأوروبي» وتغطية تفاصيل الخطة جميعها. وفي ظلِّ استمرار الضغوط نتيجة التقشف الذي فرضته ألمانيا وانزلاق منطقة اليورو بكاملها نحو آلية ركود أزلية جديدة، حيث تعديلات الأجور والأسعار إلى انخفاض هي العنوان السائد الوحيد، ستستمر معدلات الديون إلى إجمالي الناتج المحلي بالارتفاع. وسيتم في المقابل فرض المزيد من التقشف في ظلِّ ازدياد انكماش اقتصاديات منطقة اليورو، محملة الأعباء مجددًا لموازنات الدول وميزانيات المصارف العمومية التي لا تزال مرتبطة ببعضها البعض من خلال اليورو.
وها نحن نعود مجددًا إلى خانة البداية، إلى قمم اليورو العشرين وما يليها.
(*) مارك بلايث هو زميل في التدريس في معهد «واتسون» للدراسات الدولية التابع لجامعة «براون» وأستاذ محاضر بمادة الاقتصاد السياسي الدولي، ستيفان كينسيلاً هو محاضر في مادة الاقتصاد في كلية «كيمي» للأعمال في جامعة «ليميريك»
© Harvard business School publishing corp. Distributed by the new york times syndicate.