العمارة الخضراء هي عملية تصميم المباني بأسلوب يحترم البيئة ويعمل على تقليل تأثير الإنشاء والاستعمال عليها، مع تنظيم الانسجام مع الطبيعة.. والعمارة المستدامة هي ترشيد استهلاك الطاقة والمواد والموارد أو استعمال الأنواع منها ذات
المصادر المتجددة.. وعند استخدام هذه المواصفات للمساجد مثلاً؛ ستشمل ولا تقتصر على زراعة محيط المبنى بالنباتات وكذلك زراعة سطح المسجد ليساهم في عملية العزل الحراري واستخدام الطاقة الشمسية لتسخين المياه والتكييف وتزويد المسجد ومنزل الإمام والمؤذن بالكهرباء، ومن المواصفات المساعدة على الترشيد؛ التحكم إلكتروني ليمنع هدر الماء أثناء الوضوء، مع نظام إعادة تدوير مياه الوضوء ومعالجتها لسقيا النباتات.. كما تعنى العمارة المستدامة على توفير الطاقة من خلال تنظيم الاستفادة من مساحة المسجد بفواصل متحركة، بما يتناسب مع عدد المصلين الموجودين وربطها مع برمجية التكييف وتنقية الهواء، كذلك استبعاد المواد الإنشائية الخطرة في أعمال البناء مثل (الاسبستوس والبولي سترين) وتوظيف استخدام الضوء الطبيعي بأعلى كفاءة مع استخدام دهانات داخلية عاكسة للطاقة، لتوفيرها.. وهناك إجماع دولي بأهمية العمارة الخضراء والمستدامة وتشجيع تطبيقاتها في مختلف الدول، ومؤخراً تم افتتاح برج شارد في لندن؛ أعلى برج في أوروبا - تم تشييده بأموال قطرية ولكن يبدو أن ذلك المال لم يكن كافياً ليحقق للبرج ارتفاعاً، يتجاوز ارتفاع برج خليفة بدبي - ومن المباني قيد الإنشاء وفق تصاميم العمارة الخضراء والمستدامة؛ ناطحة السحاب المسماة برج الحرية في مدينة نيويورك، بديلاً لمركز التجارة العالمي المنهار؛ وفي دولة الإمارات العربية؛ هناك تطبيقات لمعايير العمارة الخضراء والمستدامة، منها مدينة المصدر؛ التي يجري بناؤها بجوار مدينة أبو ظبي، كما يجري تصميم مسجد يتسع لثلاثة آلاف وخمسمائة مصل، مزمع بناؤه أمام دوار الساعة بمدينة دبي.. ومن جوامع الكلم مقولة «النظافة من الإيمان». والنظافة بمعناها الشامل لا يقتصر فقط على مجرد نظافة الجسم، نظافة الأسنان.، والنظافة من النجاسة.. بل تشمل أيضاً نظافة البيئة من المخلفات العضوية وغير العضوية ومن المواد المسرطنة والزيوت ونظافة الجو من الكربون والغازات السامة.. كما أن الإسلام هو، السباق بمئات السنين، إلى النهي عن الإسراف، ويفهم من ذلك -أيضاً- الإسراف في استخدام الطاقة والمياه والمواد.. وغيرها، كذلك الإسلام كان السباق لتأسيس معيار العمارة الخضراء، قبل استحداث معاييرها العصرية. جاء ذلك في حديثه صلى الله عليه وسلم، بكلام جامع معجز عن البيئة الخضراء كالآتي: «إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها».
الخلاصة:
إن الوقوف عند النصوص الدينية والاقتصار على معناها الظاهر، سبباً في تقييد الابتكار، جعلنا نفشل في تحقيق قصب السبق في اكتشاف العمارة الخضراء وجعلنا نخسر مقعد الريادة ليس فقط في حماية البيئة وإنما أيضاً الريادة في استحداث الوسائل والطرق المبتكرة في كيفية المحافظة عليها.
khalid.alheji@gmail.comtwitter @khalidalheji