أمام روسيا فرصة كبيرة لإقامة علاقات جيدة مع نظام حكم الرئيس المصري الجديد محمد مرسي. لدى الكرملين تجربة ناجحة في العمل مع حركة حماس وهي بشكل أساسي النسخة الفلسطينية لجماعة الإخوان المسلمين المصرية التي ينتمي إليها مرسي. وقد التقيت مع عدد كبير من قادة الإخوان المسلمين ولم يكن لدى أي منهم أي اتجاهات سلبية ناحية روسيا. ومع ذلك فإن السياسة الخارجية لروسيا تلعب دوراً رئيسياً في تحديد طبيعة العلاقات العربية الروسية. وبشكل خاص فإن الصراع المسلح الدائر في سوريا يؤثر على العلاقة بين جماعة الإخوان المسلمين وروسيا التي يعتبرها الكثيرون في مصر مؤيداً للرئيس السوري بشار الأسد. والحقيقة أن إقامة علاقات ثقة مع النخبة الحاكمة الجديدة في مصر قد بدأت بالفعل على سبيل المثال بدأت الولايات المتحدة تنظر إلى جماعة الإخوان المسلمين كقوة سياسية مستقرة وصحية في مصر، رغم أن واشنطن ظلت طوال سنوات حكم الرئيس السابق حسني مبارك تتجنب التعامل معها.
ورغم أن الإعلام الأمريكي والغربي بشكل عام ظل يلون الإسلاميين بنفس اللون الفكري حتى كاد يساويهم بتنظيم القاعدة ولكن الأمر بدأ يتغير الآن. وييدو أن الأمريكيين أدركوا أخيراً أن المسلمين ليسوا كتلة واحدة صماء. فجماعة الإخوان المسلمين أصبحت مصنفة كجماعة معتدلة.
وعلى عكس المتطرفين الذين يتبنون العنف الذين ليس لديهم ما يخسرونه فإن أعضاء الإخوان المسلمين ينشطون على نطاق واسع ورجال أعمال ناجحين. ومن أبرز أمثلة الإخوان الناجحين خيرت الشاطر الذي يعد سياسيا ذا كاريزما ورجل أعمال ناجح للغاية على الصعيد الدولي. ومن أهم الأسباب التي جعلت ملايين المصريين يعارضون الرئيس السابق حسني مبارك كان انتشار الفساد في مصر وعجز رجال الأعمال عن منافسة الطبقة الغنية المرتبطة بنظام الحكم.
ومن الأمثلة البارزة على رجال الأعمال الناجحين حسن مالك أحد رجال الأعمال البارزين وأحد أهم أعضاء جماعة الإخوان المسلمين حيث تعرض عدة مرات للسجن ومصادرة أمواله. بالنسبة لأشخاص مثل مالك فإن تغيير النخبة الحاكمة يعني بصورة رئيسية فرصة لمواصلة مشروعاته الناجحة.
الأمر الثاني فإنه من مصلحة روسيا إقامة حوار مع القوى الإسلامية المعتدلة وبخاصة أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، مثل هذه التجربة سوف تساعد في تحقيق الاستقرار في منطقة شمال القوقاز الروسية ذات الأغلبية المسلمة. في الوقت نفسه فإن هزيمة الأحزاب الإسلامية المعتدلة يمكن أن يؤدي إلى مزيد من التشدد والاضطرابات في منطقة الشرق الأوسط. وبالتالي يتزايد التشدد في شمال القوقاز وغيرها من المناطق ذات الأغلبية المسلمة في روسيا.
ولكي يتم تعزيز المصالح الروسية في الشرق الأوسط عقدت «مبادرة موسكو-اسطنبول-روما» اجتماعا في روما في مايو الماضي باسم «التواصل مع الشرق الأوسط الجديد» وقد شاركت قيادة جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسية حزب الحرية والعدالة في المؤتمر. وشدد المشاركون الإخوان على أن روسيا يمكنها أن تعزز مكانتها في الشرق الأوسط بالتركيز على علاقاتها بمصر الجديدة.
قديما عززت روسيا مكانتها في العالم العربي من خلال تدعيم علاقاتها بنظام حكم جمال عبد الناصر في خمسينيات القرن العشرين. واليوم يمكن لروسيا أن تعيد نفس السيناريو من خلال التعاون مع الرئيس المصري الجديد محمد مرسي لكي تعود إلى اللعبة الكبرى في الشرق الأوسط.
(*) محلل سياسي والأمين المنسق لمبادرة موسكو-اسطنبول-روما - (موسكو تايمز) الروسية