اطلعت على مقال أخي سلمان بن محمد العُمري والمعنون بـ (الدعاة والإعلام الجديد) المنشور في صحيفة الجزيرة العدد 14484 الصادر يوم الجمعة 4-7-1433هـ، وسرّتني أمور ذكرها بإيجاز.
أولاً: بيّن أنّ الدعوة إلى الله ليست أمراً جماعياً فلابد أن يكون جانب الدعوة مقاماً من الأشخاص والمفترض بهم أن يكونوا على معرفة بأدوات عصرهم والتعامل معها ومع هذا الزمن الذي يعيشون فيه، مع ربط الماضي بالحاضر واستشراف المستقبل، بما يعود على العمل الدعوي بالنجاح أسلوباً وخطة وأهدافاً ونتائج.
ثانياً: بيّن أخي سلمان (أنّ هناك نقص ثقافة ووعي بعض الدُّعاة وعدم إلمامهم بقضايا الأمة «مما» قد يجعلهم أدوات لتحقيق أهداف أعداء الإسلام الخبيثة في الإسلام وتعاليمه ومبادئه)، نعم صدق أخي، وشخّص وضعاً للأسف نعيشه واقعاً ملموساً وظاهراً تماماً وله صلاته الداخلية والخارجية المخربة إنْ فكراً أو عملاً أو تخطيطاً، وهؤلاء عُدُّوا على الدعوة والدُّعاة وهم أكبر أعداء الدعوة والدُّعاة بل جرّوا الويلات للأمة ولبلادنا.
ثالثاً: لفت نظرنا بتشخيص صحيح ودقيق، وهو أنّ هناك دعاة تقوقعوا على أنفسهم وانغلقوا على ذواتهم فانفصلوا عن عصرهم، فلأسف هذا واقع وهؤلاء لا ظهر أسمن ولا طريق وصل، بل هؤلاء الفئة امتلئت نفوسهم حقداً ومقتاً وبُعداً وانحرافاً في مسار الدعوة حتى خرجت من إطار الوسطية والانفتاح الصالح الجامع الموحد، إلى إطار الوشوشة والتطرُّف والانغلاق، فما بين هؤلاء الذين لديهم نقص الوعي وعدم الإلمام بقضايا الأمة، وما بين الذين تقوقعوا على أنفسهم حصل اختلاف كثير في أساليب الدعوة مما أخّر عندنا أموراً كثيرة.
إنّ أعظم أمية لدى الداعية اليوم هو جهله بتقنيات العصر الذي تفضّل أخي سلمان بذكرها، فلا أعرف كيف يتعامل الداعية مع دعوته نشراً وفائدة وتوصيلاً، إذا لم يكن ملمّاً مدركاً لهذه التقنيات التي استثمرت من غيرنا أي استثمار، فحققت في يوم ما عجز عنه الإعلام التقليدي في أعوام كثيرة.
إنّ من المشاكل التي يعانيها بعض الدُّعاة أيضاً استشعارهم أنّ العلم الشرعي لديهم وحدهم، وأنهم أمناء الله على دينه في العالم أجمع، وأنّ من لا يكون موافقاً لهم فهو (...). حتى رأينا قبل أيام من أحد الدُّعاة والمفترض أن يكون على وعي بما يقول وواقع ما يقول (أنّ الفرقة الناجية هم أهل نجد) أيّ كلام هذا وأيّ دعوة هذه إذا كان لدينا عقليات هكذا وتسنّمت أمر الدعوة، أو ذاك الذي قال: (إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم ربما أهدي إليه الخمر أو باعه)، إننا نعيش اليوم جهلاً مطبقاً من كثير من الدُّعاة وهم أسماء كبيرة ليس لديهم البُعد الاستراتيجي الدّعوي البعيد وليس لديهم الإحساس بذلك.
إنّ العالم رجع قرية صغيرة سيحاسبهم العالم على ما يقولون وللأسف يقال المملكة العربية السعودية، انظروا هؤلاء علماؤها ودعاتها.
لقد فتحت يا أخي سلمان جرحاً كبيراً، ما نحن فيه هم سببه وأسّه ومؤسسيه, إنني ومن خلال متابعاتي أجد أنه يحصى على بلادنا أنفاسها كل ثانية متربّصين لأخطاء دعاتها وغيرهم لنشرها في الآفاق إفكاً وإثماً على بلاد التوحيد والسنّة بإذن الله.
ما عساي أقول أخي سلمان، إنّ العين لتدمع وإنّ القلب ليحزن مما نراه وأراه. لقد وسد أمر الدعوة إلى من لا يملك الفكر البعيد ولا النظرة الصحيحة لواقع الأمة وما يلزم عليها وما يلزمه أعداؤها عليها، إنّ البوصلة لدينا تائهة فعسى ربي أن يعود لنا بخير.
عبدالله نويفع العنزي - القريات