المرحـــلة الحالية التي تمر بها منطقتنا العربية عموماً والخليجية على وجه الخصوص وبلادنا المملكة العربية بوجه أخص من أصعب المراحل مقارنة بما سبق من سنوات عاشها أمثالي، وهذا يوجب في نظر المصلحين الحقيقيين المصارحة والمكاشفة ومدارسة الواقع وتشخيص إشكالياته بعيداً عن المجاملة والمواربة أو المراهنة والتخوين، ومن ثم العمل الجاد لإيجاد الحلول الناجزة والفاعلة بكل مصداقية ووضوح. ولعل من بين الأساليب الناجعة والناجحة في هذا فتح قناة تواصل دائم وجلسات حوار حر صريح تربط أمراء المناطق وكبار المسئولين والعلماء الربانيين المعتبرين والدعاة المصلحين والباحثين الأكاديميين.. بالشباب والشابات خاصة، ليس لمجرد الاستماع لهم وامتصاص الشُّحن النفسية عندهم بل لمساعدتهم في حل مشكلاتهم ومعرفة آلية تفكيرهم والسير بهم ومعهم لما يحقق آمالهم ويلبي طموحاتهم ويضمن -بعد توفيق الله وعونه- مستقبل حياتهم الإيجابي الذي يتطلعون له ويؤملونه. ولقد شهدت عدد من مناطق المملكة المختلفة في غضون الأسابيع الماضية القليلة لقاءات متعددة، أعلاها ما كان بين أمير المنطقة (ممثل الملك، والحاكم الإداري فيها) مع أبناء وبنات هذا الجزء أو ذاك من أرض الوطن الغالي، ومن بين هذه المناطق “منطقة حائل” حيث نظمت الغرفة التجارية الصناعية بحائل مساء يوم الأحد 29 -6-1433هـ اللقاء المفتوح لصاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبد المحسن أمير منطقة حائل مع شريحة الشباب والشابات (شباب حائل.. الواقع، والطموحات). وكان مما استوقفني في مطلع هذا اللقاء ما جاء على لسان سموه من أن الاستماع لما يُقال من قبل هذه الفئة وغيرها من فئات المجتمع المختلفة حق لهم وواجب على المسئول كل فيما يعنيه، كما وجه بذلك خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وكما هو ديدين هذه الدولة المباركة منذ عهد المؤسس الباني جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود وحتى اليوم، ولكن في الوقت ذاته يجب أن يكون المتحدث والمتحدث به - في نظر سموه - متسماً بـ:
- الصدق والموضوعية، وهذه توجب- كما قال سموه:
1 - عدم الانسياق وراء كل من هب ودب.
2 - الاستقصاء للحقائق قبل التحدث عنها.
- الإيجابية، وتعني المشاركة الفعلية في إيجاد الحلول الواقعية لما يطرح من مشكلات تهم شريحة عريضة في المجتمع وعدم الاكتفاء بالحديث عن المشكلات وتوظيفها في التعريض والتجريح، كما يفعل البعض وللأسف الشديد. ليس هذا فحسب، بل لابد أن يكون لدى الشريحة المستهدفة القابلية للانتقال من دائرة التنظير والتأطير إلى الميدان والعمل “فالأيدي – كما يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه – خُلقت لتعمل، فإن لم تجد في الطاعة عملاً عملت في المعصية”.
إن المواطنة الصالحة تفرض على كل منا أن يكون مشاركاً فاعلاً في إيصال صوت الحق بالشروط الواردة أعلاه وبالطرق التي يعتقد أنها أبلغ في نقل صوته بلا ضجيج ودون شخصنة أو إثارة تكون نتائجها سلبية وفي غير مسارها الصحيح “فتفسد ولا تصلح، وتهدم في الوقت الذي أريد لها أن تبني وتشارك في الإصلاح ومكافحة الفساد”.
إن مثل هذه الظروف التي نمر بها قد تكون بيئة حاضنة للإشاعات خاصة في ظل توفر وسائل التواصل السريع والمؤثر والشامل، ولذا كان التأكيد على لسان سموه من وجوب الموضوعية وتحري الحقيقة حتى لا نقع في دائرة التضليل خاصة في قضايانا الكبرى وتحركاتنا السياسية وحراكنا الاجتماعي وعلاقاتنا الإستراتيجية والثقافية ورؤيتنا الحاضرة والمستقبلية.
إن الوطن بحاجة الجميع، وكل منا على ثغرة، فالله الله أن يؤتى هذا الكيان من قبلك.. دمتم بخير وحفظ الله دارنا وأدام عزنا، وإلى لقاء والسلام.