ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Tuesday 10/07/2012 Issue 14530 14530 الثلاثاء 20 شعبان 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

صحافة العالم

 

هل الأتراك من المريخ أم الزهرة؟!
مصطفى أكيول

رجوع

 

مع وصول التوتر بين تركيا وسورية إلى مستويات جديدة، فإن الرموز العامة في تركيا باتت تناقش الآن إلى أي مدى يمكن أن تتطور الأمور، فهل إسقاط المقاتلة التركية يمكن اعتباره سبباً كافياً للحرب؟ وإذا لم يكن الأمر كذلك، فما الذي يجب على تركيا أن تفعله إذا ما انتهك الجيش السوري «قواعد الاشتباك» الجديدة التي أعلنها رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوجان؟ هل يمكن لـغضب تركيا الذي تحدث عنه أردوجان أن يتخطى نطاق الكلمات ليصل إلى الفعل؟

معظم المحللين الأتراك الذين تناولوا تلك الأسئلة قدموا إجابات مهدئة للغاية، فهم يصرون على أنه يجب تجنب الصراع العسكري تحت أي ظرف، بل إن قليلاً منهم يرون التوتر الحالي بين تركيا والنظام السوري على أنه مؤامرة من «القوى غير المرئية» لسحب تركيا إلى حرب مدمرة. بشكل عام، لا يكاد يوجد أحد في التيار السائد التركي يدعو إلى إجراء عسكري ضد سورية.

ولذلك فإن الأتراك ربما يعتبرون «من الزهرة» وليس «من المريخ»، في إشارة إلى المقارنة الشهيرة التي عقدها روبرت كاجان (حيث صور الأوروبيين على أنهم أشخاص مسالمون من كوكب الزهرة، والأمريكان على أنهم من كوكب المريخ ومستعدون دائماً للقتال والغزو).

ويبدو أن التاريخ التركي الحديث يؤيد أيضاً هذه المقولة؛ فمنذ إنشاء الجمهورية عام 1923، دائماً ما تجنبت تركيا الصراعات العسكرية، والاستثناء الوحيد كان احتلال شمال جزيرة قبرص عام 1974 في «عملية سلام»، التي كانت تهدف إلى حماية القبارصة الأتراك من التطهير العرقي على يد العسكريين القوميين اليونانيين. كما أن تركيا أرسلت قواتها أيضاً إلى كوريا في أوائل خمسينيات القرن الماضي، وإلى أفغانستان في العقد الأخير تحت رعاية الأمم المتحدة والناتو على الترتيب، ولكن أي من تلك الحالات لم تكن حرباً ضد دولة مجاورة.

ولكن هناك جانب سلبي مأساوي في تلك القصة السلمية في مجملها، نعم استطاع الجيش التركي أن يتجنب الأهداف الأجنبية، ولكنه ضرب الكثير من الأهداف المحلية، فتركيا يمكن القول انها احتُلت مرتين (في عامي 1960 و1980) من قبل دباباتها وجنودها، فهؤلاء الغزاة قاموا بحل البرلمان وأعدموا رئيس وزراء تركيا وبعض السياسيين المنتخبين الآخرين، وسجنوا وعذبوا عدة آلاف من المواطنين الأتراك. وأي جيش أجنبي كان سيغزو تركيا ربما لن يقوم بما هو أسوأ من ذلك.

بعبارات أخرى، فإن السياسة الخارجية التركية السلمية في مجملها ربما لا تكون شهادة على أن الأتراك ليبراليون وسلميون حتى النخاع ولن يقتربوا من أي سلاح، ولكن في المقابل كانت تركيا سلمية لأنها خاضت حروباً كافية في الداخل، ولم يكن لديها القوة العسكرية الفائضة التي يمكن أن تنفقها في حروبها الخارجية.

فهذا يفيد بأن تركيا، التي تحاول أن تحل إشكالياتها الداخلية وتعيد ترتيب نظرتها العسكرية وتحويلها من الاهتمام بالداخل إلى الاهتمام بالمخاطر الخارجية، ربما تكتسب مزيداً من العضلات، وبالتالي وكما يقول بعض المعلقين فإن ذلك التحول قد بدأ بالفعل في ظل حكم العدالة والتنمية الحالي. ولكن هل تركيا بحاجة إلى أن تكون دولة ذات أنياب؟ أم أنها يجب أن تختار طواعية أن تكون من كوكب «الزهرة»، كما يقترح بذلك غالبية المثقفين الأتراك؟

أنا لست من داعمي الحروب، ولكن دعوني أتحلى بقليل من عدم التقليدية هنا، فالحرب قطعاً شيء بغيض، ولكنها في بعض الأحيان تجنبنا الكثير من الفظائع، فعلى سبيل المثال كانت حرب صربيا عام 1999 حرباً جيدة، فقد استطاعت أن تحمي أرواح سكان كوسوفا من المذابح. كما أن الحرب على القذافي العام الماضي كانت مفيدة أيضاً، فقد ساعدت على إنجاح الثورة الليبية ومنعت المحاولات الدموية من النظام القديم لاستعادة الحكم.

وبالمثل، فإن حرباً على نظام الأسد يمكن أن تكون حملة عادلة لإنهاء المذابح الحالية للمدنيين الأبرياء في سورية، فتركيا لا يمكن أن تشن تلك الحرب بنفسها بالطبع، ولكنني لا أرى سبباً في استبعاد ذلك الخيار مقدماً، ونكون بذلك قد جعلنا نظام الأسد يشعر بأمان أكثر لكي يستمر في القتل بصورة ربما أكثر جرأة. مثلما يفعل الأمريكيون مع إيران، ربما يجب علينا أن «نبقي كل الخيارات على المائدة».

- (حرييت ديلي نيوز) التركية

 

رجوع

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة