كيف تتحول السياسات العامة مع نمو الشباب، شريحة الشباب لها متطلبات مثلما أن لشريحة الكبار متطلبات خاصة بهم، ولاحتياجات الكبار والصغار جانبان: اقتصادي وسياسي، فيما يتعلق بالناحية الاقتصادية يأتي في مقدمتها مدى مقدرة الشباب على ملكية المساكن والعمل والاستقرار العائلي، للشباب خصائص وتطلعات، ويُعتبر الشباب أكثر تفاؤلاً من الكبار، الشباب يتطلعون بتفاصيل للمستقبل، بينما من الملاحظ أن الشيوخ أكثر تشاؤماً وانزعاجاً بالنسبة للمستقبل، مقارنة بجيل الشباب.
أثبتت دراسات في بلدان غربية كيف يختلف جيل الستينيات الميلادية، على سبيل المثال، عن جيل الألفية الثانية الذي نعيشه. في العادة يحاول الشباب تغيير التقاليد، أما شباب اليوم فيُلاحظ أنهم واقعيون يحاولون إيجاد حلول لما تواجهه مجتمعاتهم.. ونحن في مجتمعاتنا الشرقية قلقون على مجموعة من الجيل، أبناء الطفرة الاقتصادية والثقافية.
هنالك أمر شيق يتعلق بالشريحة الشبابية فقد يكونون ناقدين للدولة إلا أنهم، في الوقت ذاته، ليسوا ضدها. في العديد من المجتمعات، ذات التنظيمات الحزبية، نجد الفرق في العمر ينعكس على الانتماء الحزبي فيصوّت أغلب الشباب للديموقراطيين بينما يصوت الكبار للجمهوريين في دولة مثل الولايات المتحدة الأمريكية.
يتجه الشباب نحو الاعتماد على النفس ولا ينقسمون بالنسبة لقضايا الرعاية الصحية أو التأمينات الاجتماعية، حيث يدركون أنهم سيحتاجون إليها مستقبلاً عندما يصبحون من جيل الكبار. سمَّى أحد الباحثين المولودين في الفترة المنحصرة ما بين 1982 و 20003م بجيل الألفية الثانية الطموح.. وبالتأكيد فإن الذين تتجاوز أعمارهم الخامسة والستين يميلون إلى الرغبة في عدم التجديد، ومن المثمر غرس القيم الاجتماعية الأساسية في نفوس الشباب: حب الوالدين والجيران ومساعدة الآخرين والعمل الخيري التطوعي وتحفيزهم على الاستقرار الاجتماعي وذلك بمساعدتهم على الزواج وتمكينهم من ملكية المسكن وإتاحة فرص العمل لهم.. ولحسن الحظ أن كثيراً من الشباب لا يشارك الكبار في التشاؤم المستقبلي، على الرغم مما يواجهه الشباب من صعوبات اقتصادية ومعاناة اجتماعية. التحول في التفكير والاعتماد الذاتي من التوجهات الشبابية، وإذا ما دعم هذا التوجه والشعور بالتأهيل الثقافي والإعداد المهني فهذا من شأنه أن يساعد الجيل الجديد على شق طريقه ويزيد من حبه لوطنه ويقطع الطريق أمام المغررين به من أصحاب الانحرافات الفكرية والتوجهات السلبية التي من شأنها أن تحرف الشباب عن الطريق القويم والصراط المستقيم.
وبالمناسبة فإن ما يُقلق الزميل الدكتور جاسر الحربش، في ما نشرته صحيفة الجزيرة في عددها يوم الأربعاء 14 شعبان 1433، يمكن أن يُفهم، وما أقلقه يرتبط بخصائص جيل الشباب وما يرتبط بمستقبلهم مقارنة بجيل الكبار، من سبعين عاماً مضت، وما عايشوه من صعوبة العيش بسبب محدودية الموارد، وما سطّره الحربش، بالنسبة لجيل الشباب، له علاقة بضعف في الترابط الاجتماعي، على الرغم من تحسن الحياة المعيشية كثيراً مقارنة بأجيال مضت.. ونقول هنا إن التطور الاقتصادي لا بد له من ضابط اجتماعي ولا بد من توازنه بقيم اجتماعية متوارثة، مستمدة من الدين الحنيف، تجاه الأسرة والأقرباء والجيران، وتلكم القيم من الملاحظ أنها بدأت في الضعف أو التدني أمام الطفرات الاقتصادية والتحولات الثقافية.
alshaikhaziz@gmail.com