|
اختتم الرامي السعودي محمد السعيد منافسات اختصاصه في الرماية ضمن دورة الألعاب العربية الثانية عشرة في الدوحة بغلة من الميداليات توازي أو تزيد قيمة على حصاد منتخب ألعاب القوى بأكمله والمؤلف من 30 رياضيًا.
وطوّق السعيد، الاختصاصي في رماية المسدس، عنقه بست ذهبيات اثنتان منها في الفردي والأخرى مع المنتخب، إضافة إلى ميدالية فضية، فخطف الأضواء من منتخب ألعاب القوى الذي جمع 6 ذهبيات اثنتان منها لمنتخبي التتابع 4 مرات 100م و4 مرات 400م، إضافة إلى برونزية.
وسجل السعيد إنجازًا كبيرًا للعبة التي ظلت مغمورة على مدار سنوات وسط تركيز كبير من مسؤولي الرياضة السعودية على كرة القدم والفروسية وألعاب القوى، إلا أن إنجازات الرماة السعوديين حتى الآن (7 ذهبيات و6 فضيات وبرونزيتين) قد تغيرت كثيرًا خريطة الاهتمام بالألعاب «الشهيدة» المظلومة من المسؤولين والإعلام على حد سواء. وحظيت الفروسية وألعاب القوى باهتمام كبير في المنظومة الرياضية السعودية بعد الإنجاز التاريخي لهما في دورة الألعاب الأولمبية في سيدني 2000 إذ فاز العداء هادي صوعان بميدالية فضية والفارس خالد العيد بميدالية برونزية، وبات الرهان على هاتين الرياضتين دائمًا في تحقيق إنجازات وأرقام في المحافل والبطولات العالمية قبل أن تتراجعا عن الحضور اللافت ليبزغ نجوم الرماية، حيث سطروا إنجازات كبيرة في الدورة العربية الحالية تشير إلى إمكان أن تكون اللعبة خلال سنوات ذات حضور كبير على الصعيد القاري ثم الدولي.
وربما كانت ميداليات رماة السعودية مفاجأة للإعلام والوسط الرياضي في ظل التركيز على كرة القدم وألعاب القوى والفروسية ولكنها كانت متوقعة لمسؤولي الاتحاد المعني الذين يعملون في صمت إذ حقق المنتخب نتائج جيدة في البطولة العربية للرماية على الأطباق (سكيت وتراب ودبل تراب) التي أقيمت في المغرب في أكتوبر الماضي بحلوله في المركز الثالث. ولم يكن البطل السعودي السعيد المولود في 24 نوفمبر 1970 معروفًا بين الرماة العرب الأبطال، وحضر المنتخب السعودي للرماية إلى الدوحة من دون ترشيحات لنيل الميداليات، إلا أن الإصرار والعزيمة والروح والإمكانات الفنية العالية للسعيد حضرت باكرًا وبشكل قوي أذهل المنافسين كافة وتحول الرامي السعودي ورفاقه إلى رقم صعب وأمر واقع وسطروا أسماءهم بأحرف من ذهب في سجل الدورات العربية.
وأصبح السعيد في غضون أيام بطلاً عربيًا لا يشق له غبار، واسمًا رياضيًا يتناقله الرياضيون العرب الموجودون في العاصمة القطرية الدوحة إلى جانب محبي الرياضة في السعودية بعدما سجل إنجازات عدة للرماية في الدورة العربية. لكن المثير للاستغراب أن محمد السعيد بدأ مشاركته مع المنتخب السعودي وهو في سن السابعة والثلاثين أي في عمر المدربين تقريبًا وليس اللاعبين.
وكان عضو مجلس إدارة الاتحاد السعودي للرماية والسهام عوض الأسمري صرح أن النتائج التي حققها الرماة السعوديون تدفعنا إلى التفاؤل بتحقيق نتائج أفضل في المستقبل القريب، مشيرًا إلى أن أبرز المحطات وأكثرها أهمية هي الدورة العربية الحالية وهو ما تحقق بالفعل إذ بزغ نجوم الرماية السعودية وحققوا ميداليات متنوعة، وبات محمد السعيد يحمل لقب «ملك المسدس».
ورأى السعيد فيما حققه «إنجازًا كبيرًا» متمنيًا أن توافق السعودية على «إقامة أندية للرماية من أجل إعداد أجيال شابة من الرماة «، مشيرًا إلى أنه «لا توجد قاعدة من الرماة الشبان لأنه ممنوع فتح الأندية وهو أمر مهم للمستقبل».
وأضاف «الرماية في السعودية تفتقد إلى المواهب الناشئة، حيث لم التحق بهذه الرياضة إلا قبل 4 سنوات فقط وكان عمري حينها 37 عامًا وهو عمر المدربين تقريبًا وليس اللاعبين وحققت العديد من الإنجازات بسبب عدم إتاحتها إلا للعسكريين». وقال: «بدأت ممارسة الرماية قبل 4 سنوات فقط عام 2007م وحققت أول ميدالية في دورة المبتدئين»، مؤكدًا «أن تقاعده المبكر خدمه في التفرغ لهوايته، حيث يصرف على أسرته وعلى معدات الرماية من هذا المرتب».
وعن الإنجازات التي تحققت أوضح السعيد أنه وزملاءه الأربعة «تغلبوا على الكثير من الصعوبات التي واجهتهم قبل الدورة العربية وتحملوا عناءً كبيرًا لأنهم لم يتدربوا إلا قبل المنافسات بوقت قليل، فالرماية تحتاج إلى الاهتمام بشكل أكبر واستثمار فرصة هذا الوهج الإعلامي المتوقع في الأيام المقبلة بالرغم من أن الإعلام الرياضي لم ينصفنا حتى الآن، حيث لم يحضر تتويجنا سوى الإعلاميين القطريين وبعض العرب ووكالات الأنباء».
واختتم السعيد «فكرة الاعتزال تراودني في هذه اللحظات، حيث نتحمل كلاعبين جميع الأعباء المالية لهذه الرياضة ونفتقد للدعم المالي إضافة لعدم وجود أندية رياضية لممارسة اللعبة، حيث تقتصر على ميادين الرماية في القطاعات الأمنية».
ويرجح أن يسهم إنجاز منتخب الرماية الذي خرج من جلباب التغييب الإعلامي، في تحويل أنظار مسؤولي الرياضة السعودية نحو هذه اللعبة التي لا تحظى بأي متابعة جماهيرية، فضلاً عن تجاهل إعلامي كبير.