|
القاهرة - مكتب الجزيرة - علي فراج - نهى سلطان
شهدت مصر أمس الجمعة انقسامًا حادًا بين القوى السياسية المصرية، بشكل يراه البعض أنه مقلق ويهدد استقرار البلاد، فيما يراه آخرون صحيًا في مثل هذه الظروف، حيث إن الثورات الكبرى يرافقها في الغالب حرك سياسي ينتج عنه خلافات في الرؤية لكن هؤلاء وأولئك يشددون على ضرورة أن تبقى المواقف سياسية دون التخوين.
مصر التي توحدت ذات يوم خلف هدف إسقاط نظام الرئيس السابق حسني مبارك باتت اليوم ثلاث فصائل مختلفة، الأولى في ميدان التحرير وتمثل قوى سياسية وحزبية وثورية من مختلف الأطياف، وهؤلاء يريدون أن تصل الشرعية الثورية للسلطة وأن يترك المجلس العسكري الحكم لمجلس رئاسي مدني يشكل من الميدان. وهناك فريق ثانٍ نزل إلى ميدان العباسية للتظاهر تأييدًا للجدول الزمني الذي وضعه الجيش للمرحلة الانتقالية، ويرى أنصار هذا الفريق أن المجلس يدير بطريقة مناسبة وأن المعارضين للجيش يريدونها فوضى وفقًا لأجندات خارجية حسب قولهم. لكن فريق ثالث غاب عن الميادين واكتفى بمشاهدة الموقف من البيوت لكنه حاضر ومؤثر في المشهد وهو القوى الإسلامية التي حازت الأغلبية البرلمانية وهم جماعة الإخوان المسلمين وحزبها العدالة والحرية والتيار السلفي وحزبه النور والجماعة الإسلامية وحزبها البناء والتنمية، وهؤلاء يرون أنهم الشرعية المنتخبة وأن الشارع صوت لهم لذلك لن ينزلوا في مظاهرات ويطالبون بالاستقرار حتى ينعقد البرلمان ويتسلمون السلطة بطريقة سلمية.
وشهد ميدان التحرير أمس تظاهرات بالآلاف للمشاركة فيما أطلق عليه جمعة «حرائر مصر... رد الشرف»، والتي دعت إليها العديد من الأحزاب والقوى والحركات السياسية المختلفة احتجاجًا على ما أسموه بـ»الممارسات العنيفة من قبل قوات الجيش تجاه المتظاهرات».
فيما عارضتها بعض الأحزاب والقوى السياسية الأخرى وطالب المشاركون بقيام المجلس العسكري بتسليم جميع سلطاته السياسية، والقضائية، والتشريعية إلى سلطة مدنية، وإقالة حكومة الإنقاذ الوطني برئاسة الدكتور كمال الجنزوري، وتكوين لجنة تحقيق مستقلة تتكون من قضاة مصر المشهود لهم بالنزاهة للتحقيق في جرائم قتل الشهداء وتحديد المسئولين عن إراقة دماء المصريين ومحاكمتهم بشكل فوري، بالإضافة إلى الإفراج عن جميع المعتقلين. فيما شهد ميدان العباسية مظاهرة أخرى أطلق عليها «إنقاذ مصر...لا للتخريب» التي دعت إليها حركة الأغلبية الصامتة للرد على مليونية ميدان التحرير التي تنظم اليوم بعنوان «مليونية رد الشرف»، حيث رفع المشاركون لافتات تأييد للمجلس العسكري. وأكّد المتظاهرون رفضهم لتحكم أعداد قليلة من المواطنين في مصير الشعب المصري بأكمله، مشددين على ضرورة احترام إرادة الشعب من خلال صندوق الانتخابات التي تجري حاليًا، التي تنتهي قبل منتصف يناير المقبل.
وشدد المتظاهرون على رفضهم لكل ما يعرض البلاد للضرر، ومن بينها تخريب المنشآت والاعتداء على القوات المسلحة والشرطة وغيرها من المصادمات التي يقوم بها البعض، ورفض المتظاهرون محاولات إسقاط الدولة والإضرار بأمنها وتحقيق أهداف الأجندات الخارجية، مشيرين إلى أنهم ضد كل ما يحاك من مخططات لدول معادية ينفذها مصريون غير أمينين على مصر، كما وجهوا انتقادات لاذعة للإعلام وعدد من الإعلاميين الذين اعتبروهم «أدوات تحريضية» في يد الأجندات الخارجية ومن يقومون بتمويلهم في الداخل.
من جهتها، أعربت «هيئة الأمم المتحدة للمرأة» الخميس عن «قلقها البالغ» حيال أعمال العنف الأخيرة التي ارتكبت أخيرًا بحق نساء خلال التظاهرات في مصر، ودعت السلطات العسكرية والسياسية المصرية إلى احترام حقوقهن. وقالت رئيسة تشيلي السابقة ميشيل باشليه مديرة الهيئة: إن «النساء، كما الرجال والأطفال، تعرضن لاستخدام مفرط للقوة بحق متظاهرين مسالمين في نهاية الأسبوع الماضي وهذا الأسبوع»، مبدية «قلقها البالغ حيال معلومات عن هجمات مباشرة على نساء» في مصر.