|
أربعاء ندّ بندّه أنداده، وبأريجه أرجاءه، وسما في السماء رسمه ووسمه ووسميّه، العاشر من سبتمبر 2003 كان عارضًا بغيث طالما استسقينا هتونه وهتوله، في سنين محا محلها محلّها، وأحال حالُها حالَّها، كطالب مبتعث نأت به النوى، وناءت بحمله وحِلمه وحُلمه الغربة والكربة في أندلس التيه والتيه، بين الشوق والتوق، والحرص على العَلَم والعِلْم، ومهما شطت شواطئ الخليج فهي خوالج النفْس والنفَس، وهدأت أمواج البحر الأحمر في هدأة البعاد، فهي الدم والروح في الأجساد، وسرت صبا نجد في جبال السراة، لتحكي صبا الأحلام وأحلام السراة، الذين احتضنتهم الأرض وبكت عليهم السماء، أو افتخر بهم الصباح وتباهت بهم نجوم المساء، بلادٌ تسّاقط عليها وفيها ومنها العبرات، عبر السكون والسكون والحركات إن الغربة في القلب لا في العين، فكم عين قريرة بنأيها ونايها، وكم قلب مكترب مغترب، مبتعد مقترب، لا تلذذ بفردوسٍ ما هو له، ولا بجنة مأهولة، ولا تسلّى إذ تخلّى، فجمع بين نعيم الجنة في عينيه، وجحيم جهنم بين برديه.
بقيتُ بينهما أصرخ في المشرّقين شارقًا بغصص الكَلْم والكَلِم، مناديًا: أيها المشرّق، غَرْبُ غربتي أترعت روعًا ولوعة، أيها المسافر السافر عن أستار أسراري، أيها الذاهب الناهب للجَلَد والأَود
أيها الراكب الميمم أرضي أقرِ من بعضيَ السلامَ لبعضي
إن جسمي كما تراه بأرضٍ وفؤادي ومالكيهِ بأرضِ
حتى عرَض الأربعاء جذلان يميس في الحلل بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف سفيرًا لمملكة الإنسانية؛ فأسفرت بغرّته ظلمات النوى، وأَنِست ببهيّ طلعته الناس، وزالت بيقين مكانته الغربة والوسواس، وكان كالشمس في الليل البهيم السرمدي، فظلّتْ تأوي إليه الحنكة إذا ضلّت، تستشيره الحكمة، ويستنير به الرأي، ويستظل به الفي؛ لأنه الفيء، ولا غرو فالثمرة اليانعة من الشجرة الباسقة، طلعها الشهد، وجذعها الماء، (أصلها ثابت وفرعها في السماء).
وبعد أن انقضت الأعوام بتمرها وجمرها عدتُ بعد طَور سنين، لهذا البلد الأمين، وقد ثقّفَت الحوادث عُودي، وازدان عَودي، بما ذهبتُ إليه وبما ذهب إليّ، وتعلمت دروسًا حقيقية في تخصصي، ودروسًا إضافية مكثفة لشيء لم أنتسب يومًا إليه، فخرجت بامتيازٍ مع مرتبة الشرف بمعرفتي لسمو الأمير سعود، واقتباسي من سعة صدره، وبصره في أمره، ودقته في النية والقول والعمل.
وزادت المنّة على محبي سموه بعودته الميمونة، إلى هذه البلاد المصونة، وبتعيين سموه الكريم رئيسًا لديوان سمو ولي العهد، ومستشارًا خاصًا لسمو ولي العهد، فنعم المستشير، ونعم المشير، وهنيئًا للقيادة الراشدة بأبنائها وبذاتها، وهنيئًا للبلاد بوُلاتها، وأبنائها وبناتها، وهنيئًا لكم أنتم يا سمو الأمير وللبلد، (وأنت حلّ بهذا البلد ووالدٍ وما ولد).
(*) المشرف على إدارة العلاقات والإعلام الجامعي - جامعة الملك خالد
- رئيس تحرير صحيفة آفاق الجامعة