|
مكة المكرمة - واس
افتتح معالي وزير الحج الدكتور فؤاد بن عبدالسلام الفارسي بحضور سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء رئيس إدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، أمس ندوة الحج السنوية التي تنظمها وزارة الحج تحت عنوان «مواكب الحج في التراث الإسلامي دروس وعبر»، وذلك بقاعة ماربيا للاحتفالات في مكة المكرمة. وبدأت الجلسة الافتتاحية بتلاوة آيات من القرآن الكريم، ثم ألقى أمين الندوة المستشار الدكتور هشام العباس كلمة رحب فيها بسماحة المفتي وبمعالي وزير الحج وبالمشاركين والحضور. وأكد أن وزارة الحج دأبت على عقد ندوة الحج السنوية الكبرى في كل عام يلتقي فيها نخبة من العلماء والمفكرين وأهل الرأي والثقافة لتبادل وتلاقح الأفكار حول الموضوعات والمشكلات التي تطرح في مجال الحج وغيره من المجالات الدينية والثقافية والاجتماعية التي تؤسس لبناء ثقافة إسلامية أصيلة ومعاصرة تواكب متغيرات العصر وأحوال المسلمين المتجددة، مستعرضاً أهداف الندوة ومحاورها وموضوعاتها. بعد ذلك ألقى معالي وزير الأوقاف الأردني صلاح جراب كلمة المشاركين، رفع فيها أحر التعازي لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- ولحكومة المملكة وللأمتين الإسلامية والعربية باسمه واسم المشاركين في الندوة في وفاة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود -رحمه الله-، سائلا الله أن يتغمده بواسع رحمته. وهنأ معاليه صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود، لصدور الأمر الملكي الكريم باختياره وليا للعهد، وتعيينه نائبا لرئيس مجلس الوزراء وزيرا للداخلية، متمنيا لسموه العون والتوفيق والسداد. وبين أن الندوة تجسد سنة درج عليها الأسلاف حين اتخذوا من موسم الحج فرصة نفسية لالتقاء العلماء من سائر أقطار العالم الإسلامي لتبادل العلم والمعارف ونشرها وتبادل الأفكار والروايات والأخبار والمؤلفات، مبينا أنه يشارك فيها عدد من أعلام الأمة الإسلامية المتخصصين في علوم الشريعة والتاريخ والأدب والقانون وغيرهم من أعلام الفكر والتأليف والتحقيق من مختلف أقطار العالم الإسلامي. بعد ذلك ألقى معالي وزير الحج الدكتور فؤاد بن عبدالسلام الفارسي كلمة نقل فيها تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراءزير الداخلية -حفظهما الله- للمشاركين، وأن يخلص المشاركون إلى كل ما فيه تعزيز تحقيق الصالح العام الذي تبذل من المملكة كل غال ونفيس لينعم ضيوف الرحمن بأداء نسكهم بكل يسر وسهولة. وبين معاليه أن الندوة بدأت في الانتظام منذ نحو 30 عاماً وذلك بتوفيق الله عز وجل الذي سخر لها جمعا متألقاً يضم صفوة من العلماء والمفكرين والأدباء والإعلاميين والصحفيين في مختلف التخصصات ذات الصلة، معرباً عن أمله أن تحقق الندوة الهدف المأمول منها في توعية الحجيج وتبصيرهم لما يجب أن يبتدوا به ويعملوا بموجبه من أجل أن يفوزوا بأداء النسك بكل راحة واطمئنان. وأكد معالي وزير الحج أن قادة وشعب المملكة يتشرفون بخدمة حجاج بيت الله الحرام ولن يتوانوا في أداء الواجب بل يعملون على تطويره وتحديث آليته، وقال: «هذا هو ديدن ولاة الأمر -حفظهم الله- من عهد الملك عبدالعزيز -رحمه الله- وحتى هذا العهد الزاهر الذي يتبنى سياسات طموحة ومعلنة تهدف لخير الوطن والمواطن». ورحب معاليه بسماحة مفتي عام المملكة، وشكره على مشاركته في الندوة، مثنياً على جهود سماحته ومن ذلك ما وجهه سماحته قبل عدة أيام عبر وسائل الإعلام بمناسبة حلول موسم حج من نصح وإرشاد، وقال: «إن الله سبحانه وتعالى لم يجعل فريضة الحج ميداناً للمهاترات ورفع الشعارات الجاهلية أو استغلاله لأغراض وأجندات سياسية ودعوة مذهبية مقيتة أو غير ذلك من أهداف ومقاصد تصرف الحج عن وجهته الشرعية وتجعله بعيدا كل البعد عن قدسيته وروحانيته لأن الحج المبرور مناسبة عظيمة للوحدة والتضامن بين المسلمين كافة لتجسيد معنى الأمة الواحدة ليكون اجتماع الحجاج في هذه المشاعر المقدسة سببا في تأليف قلوبهم وجمع كلمتهم وتعارف بعضهم مع بعض وتقوية أواصر المحبة والمودة بينهم». ثم ألقى سماحة مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء رئيس اللجنة الدائمة للإفتاء كلمة أكد فيها أهمية الاعتصام بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم تحكيماً وعملاً وتحاكماً إليهما واعتزازاً بها ورضا بهما مطبقين أحكامهما راضين بذلك. وقال: «إن الاعتصام بالكتاب والسنة فيه الخير والفلاح والصلاح والعز في الدنيا والآخرة وكلما كانت الأمة ترفع لواء الدين وتحكمه وتتحاكم إليه وتجعله المنهج القويم لحياتها والدستور الذي ينظم كل حياتها فإن الأمة تسعد وترقى وتعلو ويصيبها النقص والذل والهوان عندما تتخلى عن كتاب ربها وسنة نبيه صلى الله عليهسلم. وأضاف سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ: «إن حجاج بيت الله الحرام جاءوا من كل فج عميق هذه الأيام ليؤدوا مناسك الحج استجابة لله وطاعة لله ورسوله رغبة فيما عند الله فارقوا من أجله الأهل والوطن والمال طاعة لله واستجابة لدعوة إبراهيم عليه السلام، وأن أعظم منافعهم التقاء قلوبهم على طاعة الله واجتماع كلمتهم فنبيهم واحد، ودينهم واحد كتاب الله إمامهم وقدوتهم محمد صلى الله عليه وسلم، جاءوا ليحققوا الوحدة الحقيقية بين المسلمين جاؤوا ليتعلموا ويتثقفوا ويتعارفوا ويتألفوا ويحلوا مشكلاتهم ويدرسوا قضاياهم ويخرجوا بالنتائج النافعة التي تكون سبباً لاجتماع القلوب. وتابع سماحته: «إن الله من فضله وكرمه وجوده وإحسانه جعل الحج فريضة العمر من أداه في عمره مرة فقد أدى هذا الركن وبرئ ذمته منه، ثم أنه جل وعلا تفضل على المسلمين في هذه العصور الأخيرة فجعل هذا البلد الأمين وبلد رسوله صلى الله عليه وسلم تحت أيد أمينة مخلصة صادقة قامت بكل ما يلزمها وأدت الواجب عليه بكل ممكن وأنفقت الغالي والنفيس في سبيل راحة الحجيج وهيأت لهم السبل وذللت لهم الصعاب ووفرت لهم كل الخدمات الصحية والأمنية والغذائية والتوجيهية من أجل راحتهم وسلامتهم، فالحجاج يأتون من كل مكان فيجدون حرما أمنا مطمئنا وتقديم كل الإمكانات من أجل راحة الحجيج وهذه نعمة من الله على أهل الإسلام ليشكروا الله عليها وليدعوا لقادتنا بالتوفيق والسداد». ونوه بما يقدمه خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وحكومته من واجب كبير وجهد عظيم من خلال إشرافهم على الحج بأنفسهم ومتابعتهم لمواكب الحجيج. وأضاف سماحة المفتي: «إن من يريد أن يعكر صفو الحج أو يظن أن الحج ميدان لأحداث سياسية أو أغراض شخصية فهو بذلك آثم لأن الله لم يجعل الحج ميدانا للمهاترات ورفع الشعارات». وحمد الله عز وجل على ما أنعم به على هذه البلاد من الأمن والاستقرار، مبينا أن ذلك أتى بفضل الله سبحان وتعالى ثم بالسياسة الحكيمة التي تنتهجها حكومة خادم الحرمين الشريفين. عقب ذلك بدأت الجلسة الأولى للندوة التي طرح فيها ست ورقات عمل، وتناولت دور الحاج في النشاط العلمي بمكة المكرمة في القرن العاشر الهجري وطرق الحج إلى مكة المكرمة ومظاهر الاهتمام بها في العصر الأموي، إلى جانب نفقة الحاج في العصر المملوكي الأول والوظائف التابعة لأمير ركب الحج ومكة المكرمة المكان والمكانة. إثر ذلك بدأتالجلسة العلمية الثانية التي طرح خلالها أربع ورقات عمل عن دور مواكب الحج في وحدة الشعائر والسلوك وفي سيادة اللغة العربية ووحدة العبادة ووحدة الفكر الإسلامي. يذكر أن الندوة التي يشارك 43 عالماً ومفكراً من أنحاء العالم الإسلامي، تهدف إلى إيضاح دور المملكة في تسهيل وتيسير أمور الحج أفراداً وجماعات وجهودها الدائبة في تحقيق أمنهم وسلامتهم، إلى جانب استعراض مسيرة مواكب الحج في التراث الإسلامي وما خلفته من رصيد إنساني أصيل وإظهار البعد الإنساني والاجتماعي لفريضة الحج في الإسلام والتعرف على الوسائل والغايات في أداء فريضة الحج في مختلف البيئات. كما تهدف إلى التعرف على دور أولى الأمر في تنظيم هذه المواكب ومدى مشاركتهم فيها والتعرف على أوجه الشبه وأوجه الاختلاف بين مواكب الحج في مسيراتها السنوية والتعريف بدور فريضة الحج في تعميق الانتماء إلى العقيدة الإسلامية السمحة والاستعداد للتضحية والبذل في سبيلها والتعريف بدور فريضة الحج في توحيد الأمة الإسلامية على اختلاف مشاربها ومنابتها.