قبيل تاريخ 22-4-1428هـ، كان أبناء منطقة الجوف الكرام يسابقون الزمن، ويعدون العدة، ويعملون على قدم وساق، ليبرزوا منطقتهم بأبهى صورها، ويحتفون احتفاء مشرفاً يليق بزيارة ملك الإنسانية - ألبسه الله الصحة والعافية وأطال عمره- وسلطان الخير - رحمه الله وأسكنه فسيح جناته- وصحبهم الكريم لمنطقة التاريخ والآثار والزيتون. فنحن- منسوبو جامعة الجوف- كنا نعمل بجد وباجتهاد لنظهر جامعتنا بصورة نظرة تسر الزائرين من خلال اللوحات المعلقة على الطرقات ومداخل المدن وفي المجلات والكتيبات التي ستوزع على الضيوف. ومن حسن حظي أنني تشرفت-في ذلك الزمن- مع زملائي الكرام بالجامعة بصياغة بعض العبارات الجميلة لتوضع على اللوحات الترحيبية تليق بقدوم هذا الضيف الكبير الكريم ومقامه، ومن تلك العبارات التي خطها كاتب هذا المقال: « جامعة الجوف الفتية ترحب بملك الإنسانية وسلطان الشهامة العربية» وقد دار نقاش مع الزملاء الكرام بأن نستبدل كلمة «الشهامة العربية» بكلمة «الخير» فكان لهم مبتغاهم. وكنت أرى أن الشهامة التي هي:»عزة النفس وحرصها على مباشرة أمور عظيمة تستتبع الذكر الجميل»، أشمل وأعم وفيها لمسة بلاغية جميلة تتسق مع الجملة، وإن كانت كلمة «الخير» أقرب للإنسان وأقوى تأثير.
تذكرت تلك اللوحات الترحيبية وما كنا نسطرها حبا لولاة أمرنا- حفظهم الله-، وأنا أقرأ وأسمع وأشاهد في وسائل الإعلام المختلفة كثرت ما يذكر عن مناقب سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز- رحمه الله- في الأعمال الخيرية فهو -بحق- مدرسة لأهل الخير وسلطان الخير، ولا يتسع المقام لسردها ولا يمكن اختزالها في هذا المقال المقتضب. إضافة لتلك المناقب، الأمير سلطان كان رجل دولة، صاحب خبرة واسعة ورؤية ثاقبة وفكر إداري راقي، فأعماله الأخرى كثيرة والتي منها تطوير العمل الإداري بالمملكة وتطوير الجيش السعودي والمشاركة في الشأن السياسي الداخلي والدولي باقتدار وتميز.
فما نوده أن تستمر أعماله الخيرية وأن تتسع لتعم أرجاء الوطن والعالمين العربي والإسلامي من خلال تطوير مؤسساته الحالية أو أن ينشأ مؤسسة أخرى تعطي أولوية للعمل الخيري. أيضا، أتمنى أن ينشأ مسجد كبير-بمدينة الرياض- باسمه يلحق به جمعية تحفيظ للقرآن الكريم، وجمعية بر خيرية، ومكتبة عامة، ومغسلة للموتى. وإن أمكن أن يكون هناك فروع لهذه المؤسسة في جميع مناطق المملكة الحبيبة.
فابتسامته الدائمة التي لا تفارق محياه ومناقبه الخيرية، وشهامته لشعبه وأمته العربية والإسلامية، ستبقى بعيون محبيه وترسم صورة جميلة دائمة للدعاء المستمر له. فرحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته، وأن يجزيه الله خيرا على ما قدم لدينه ووطنه وأمته وأن يكون في موازين حسناته، وأن يلهم ذويه والعائلة المالكة الكريمة والشعب السعودي الصبر والسلوان.