مثلما تحرك الفقراء في تونس ومصر واليمن وليبيا وسوريا وبريطانيا والعراق، يتحرك فقراء أمريكا تحركاً واحداً يجمعه رفض للاستغلال وتوحش الأثرياء الذين يعانون من التخمة على حساب شد أحزمة الفقراء.
هذه المرة انطلقت الاحتجاجات من عاصمة الأثرياء، فغير بعيد عن شارع الثراء والمال والمليونيرات «وول ستريت» انطلقت المظاهرات التي وصلت ما بين ثمانية آلاف إلى اثني عشر ألف متظاهر في يوم عمل، وهو رقم مرتفع لتجمع ضم أعضاءً في نقابات النقل والمعلمين وناشطين سياسيين واجتماعيين.
المتظاهرون طالبوا بوضع حدٍ للحروب وفرض ضرائب على الأغنياء. وقد عكست الشعارات تنامي السخط في المجتمع الأمريكي على عجز السياسيين في وضع حدٍ للأزمات المتلاحقة التي يعاني منها المجتمع الأمريكي، والتي تؤشر إلى انهيار الوضع الاقتصادي بسبب التورط في حروب كلفت أمريكا مليارات الدولارات مع خفض للضرائب على طبقة الأثرياء مما أثر على مستوى الخدمات الاجتماعية والصحية وأدت إلى ارتفاع رسوم التعليم.
مظاهرات الفقراء في أمريكا مرشحة للزيادة والتصاعد وستدعمهم تظاهرات أخرى في واشنطن العاصمة، مما يمهد لبروز تيار شعبي ضد الحروب والأثرياء الذين قلصت مساهماتهم في تحويل الخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية بعد أن خفضت الضرائب على الأثرياء في عهد الرئيس جورج بوش الابن.
هذا التيار الذي في حالة تكونه سيواجه تجمع الشاي الذي يجمع غلاة المحافظين الجدد من الجمهوريين المحافظين والذي يعرقل أي محاولة للنيل من امتيازات الأثرياء التي منحها إياهم جورج بوش الابن، والذي أثقل كاهل الاقتصاد بتوريط أمريكا في حروب كثيرة، وفي حالة تنامي تيار الفقراء ومناهضي الحروب الذي حتماً سيلقى دعماً من الحزب الديمقراطي فإن ذلك سيدعم وبلا شك جهود الرئيس أوباما الذي يطالب بفرض ضرائب على أصحاب المليارات بواقع 5% لتخفيف العجز على الميزانية الفدرالية ويقلص من نفوذ الجمهوريين الذي يعارضون فرض الضرائب مقترحين تخفيف ما يقدم من مساعدات للخدمات الصحية والاجتماعية والتعليمية وهو ما يتظاهر ضده فقراء أمريكا الذين قد يساعدون أوباما في بقائه بالبيت الأبيض لفترة ثانية لمواجهة جشع أثرياء أمريكا الذين هم في أغلبهم أعضاء الحزب الجمهوري.
jaser@al-jazirah.com.sa