عهِدَتْ هذه البلاد المباركة المبادرات من قيادتها الحكيمة، ودأب الوطن المعطاء على التقدم مزيداً من الخطوات المباركة، وليس غريباً على ملك الإصلاح خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- ما تناله البلاد ويحفل به المواطنون من المزيد من التقدم والرقي في شتى الميادين.
إضافة إلى المكرمات الملكية التي أسعد المليك بها أبناءه وبناته بعودته الميمونة، نجده يبادر كعادته -أيده الله- لمزيد من الإصلاح الذي من خلاله ينطلق هذا الكيان العظيم نحو العالمية، بتوفيق الله تعالى ثم بحنكة وحكمة ودراية قيادته الراشدة.
يأتي في الإسهام في الرقي بهذا البلد الكريم وبأبنائه وبناته قرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- بمشاركة المرأة بصوتها ورأيها وعملها في مجلس الشورى وأحقيتها في الترشح لعضوية المجالس البلدية، كما أتاح لها ترشيح المرشحين، في دوراتها القادمة، من غير تهميش لدور المرأة الأساس والمهم في المجتمع، وبذلك فإن خادم الحرمين الشريفين قد أعطى المرأة حقها عضواً فاعلاً ودافعاً بعجلة التنمية المتسارعة وفق ما يمليه الشرع الحنيف؛ لأنها جزء من المجتمع، وعليها ولها حقوق أوجبتها وتكفلت بها الملة السمحة، وهذه سنة استنتها بلادنا الراشدة؛ لأن الأهلية في الأداء مشاع بين الرجل والمرأة وعليها المعوّل في العمل، وفق ضوابط الشريعة التي تسير عليها هذه البلاد المباركة، منذ أن وحد الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- هذا الكيان العظيم، على كتاب الله وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- مستمداً من سلف الأمة الإسلامية اهتمامه بالمرأة، والمتمثل في فسح المجال أمامها للمشاركة برأيها وفكرها، وهو ما جعل الملك عبدالعزيز رحمه الله يعتدّ (بشقيقته سمو الأميرة نورة) رحمها الله في مواقف كثيرة، ويصغي إلى رأيها، ويستمع إلى مشورتها، في صورة يتجلى فيها الإسلام الحق الذي أعطى المرأة حقها غير منقوص، وهو بذلك يسير على نهج سلف الأمة، الذين سطروا في إنصاف المرأة أروع الأمثلة.
وجاء خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ليرسخ مبدأ العدالة والإصلاح، ولا غرو أن هذا القرار جاء ليساير ما تحتاجه البلاد من وسائل فاعلة في التطور والرقي والعدالة والمساواة وفق الفطرة السليمة المبنية على الدستور الخالد؛ لأن المرأة مصنع الرجال، وكم من امرأة سبقت بنيّر فكرها، وسمو عقلها، وسداد مشورتها، وطهر طويتها، وتاريخنا حافل بسجلها العظيم في رقي الدولة الإسلامية، منذ العهد النبوي الشريف، وبلادنا المباركة مليئة بالعقول ومصانع العقول من الرجال والنساء الغيارى المخلصين المتفانين في سبيل رقي بلادهم وعلو شأنها في شتى الميادين.
إن هذه الخطوة إلى الأمام تجعلنا نفاخر -إلى جانب فخرنا بأبنائنا- ببناتنا اللاتي هن لبنات صالحة لنهوض المجتمع وتقدمه، وإنني على ثقة تامة من أن هذه الخطوة المباركة ستؤتي ثمارها اليانعة؛ لأنها انطلقت من الحرص على المزيد من الإصلاح، وفق ضوابط الشرع المطهر، ووفق المصلحة التي يصبو إليها مجتمعنا، ولحنكة خادم الحرمين الشريفين فإن هذا القرار قد جاء ليواكب ما تسير عليه بلادنا الغالية من نهضة شاملة، أدرك حفظه الله بثاقب رأيه أن إغفال دور المرأة قد يؤخر من عجلة التقدم، فكان رأيه الرشيد -سدده الله- بضرورة إسهامها في البناء والنماء، في بلد يتوق إلى أبنائه وبناته، وإلى جانب احتياج البلد للعقول النيرة، فإن خادم الحرمين الشريفين يعطي المرأة بذلك حقًا من حقوقها، ولا غرابة فهو -أيده الله- ملك الإنصاف والإصلاح.
لقد لامست كلمة خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- بحنكة وبصيرة الشأن الداخلي والإقليمي والدولي، مستوعبة الأحداث، مواكبة شأن الوطن المعطاء، في صورة تعكس اهتمام القيادة الراشدة بأبناء الوطن وبناته، لما فيه كل الخير لمملكة الإنسانية، مستمدة منهجها القويم من دستورها الخالد، متلمسة احتياج البلاد المباركة، فهي تستملي إدارتها من إرادة قادتها الحكماء، وهي مدرسة تشع بنور الحنكة والدراية، يفيد منه الآخرون، ولا تستقي سياستها إلا من ساستها الذين أوقفوا أنفسهم للرقي بالوطن والمواطن في جميع الميادين، أعانهم الله وسدد رأيهم، وأعلى رايتهم، وحقق غايتهم.
* مدير جامعة الملك خالد