|
لم تكن الباحة طقساً عليلاً ولا نسمات ترفرف على الأرواح فحسب, ولم تكن مطراً يستقبلك حين تقبل على مشارفها ليملأ الروح اخضراراً فحسب, ولم تكن قصيدة بكل أشكالها فحسب, كانت الباحة في مهرجانها الشعري المقام على هامش توزيع جائزة نادي الباحة الأدبي الثقافية كل ذلك مجتمعاً, فمنذ أول وهلة والجميع يغدق عليك حباً وكرماً, إلى أن يودعك رئيس ناديها وهو يردد «قدمتم إلى الباحة وفي صدر كل منا قلب واحد, وها أنتم تغادرونها وقد زرعتم سبعين قلباً في صدورنا», فلم تكن من قبيل الصدفة أن يجتمع ما يربو على خمسين شاعراً وشاعرة من أقطار الوطن العربي في الباحة, فمؤكد أن كل ذلك كان نتاج عمل دؤوب ومتواصل لنيل شرف اجتماع كل هذه النخبة الشاعرة والناقدة والمثقفة في باحة الشعر والأدب.
ربما رأى البعض أن جدول الفعاليات كان مزدحماً بعض الشيء لكنه كان رائعاً ومليئاً بما يستحق المتابعة, فقضاء أربعة أيام برفقة كل تلك الأسماء مكسب لكل من حضر تلك التظاهرة وعاش تفاصيلها لحظة بلحظة, فمن استراحة الزيتونة التي كانت محط إعجاب كل الضيوف مروراً بغابة رغدان التي كانت المحطة الأبرز في تلك الزيارة في جانبها السياحي، حيث عاش الجميع تفاصيل مبهجة لم تكن لتكتمل لولا وجود تلك الأرواح الطيبة التي اكتملت بالرقص كدليل حياة, وربما ليس انتهاء بقرية ذي عين التي كانت مسك ختام المهرجان سياحياً, كل ذلك دلل على أن الباحة لم تكن وجهة واحدة فقط, بل كانت عدة وجهات, فقل أن يجتمع الشعر والأدب والنقد والسياحة في مكان واحد.
لقد كنت مزهواً بدعوة نادي الباحة الأدبي إذ أكرمني بالوقوف أمام كل أولئك لألقي على مسامعهم بعض قصائد من تجربة ما زالت وليدة وغضة وتحتاج إلى الكثير من العمل والجد عليها والاهتمام بها لكنني أقولها صادقاً أنني وجدت قلوباً تمنحك منها الكثير وأرواحاً لا تبخل بمشاعرها التي تفيض كل ساعة وحين فالشكر كل الشكر للباحة أهلاً وأدباء ومثقفين وإعلاميين, وعلى رأسهم سعادة رئيس نادي الباحة الأدبي الأستاذ حسن الزهراني ونائب الرئيس الأستاذ جمعان الكرت والدكتور عبدالله غريب والأساتذة عبدالرحمن سابي ومسفر العدواني وعبدالقادر حمدان وماجد غريب ومحمد المفضل وجميع من كانوا بجانبنا طوال تلك الأيام الرائعة, ونلتقي على الحب والشعر أيتها الباحة الوضاءة.