اطلعت على ما كتبته الأستاذة وصايف بنت إبراهيم الخويطر يوم الأربعاء 9 شوال 1432هـ وذلك في العدد 14223 تحت عنوان لغة الجيل الجديد فألفيته مقالاً جميلاً أجادت الكاتبة فيه وأفادت ولامست موضوعاً لا أبالغ إن قلت بخطورته، ألا وهو الكتابة العربية بحروف إنجليزية حيث انتشرت هذه الطريقة مؤخراً بشكل مقلق وخطير حتى أصبحت التعبير الرئيس لدى شريحة كبيرة من الشباب بجنسيه ومن يطلع على بعض ما يكتب في المنتديات ومواقع الدردشة ومواقع التواصل الاجتماعي يلحظ ذلك.
وهذا جفاء وعقوق من أبناء العربية للغتهم، بل هو صورة من صور تشويهها وقد كفّها الله وشرّفها أن تكون لغة القرآن الكريم. وإني أتساءل دائماً أي نقص وجده مستخدمو هذه الطريقة في لغتنا حتى استبدلوها بغيرها وتحولوا عنها للكتابة بلغة أخرى لا توازي جمالها ولا ما تحتويه من معان بديعة وصور بليغة وجميلة وتشبهيات وأسماء وسعت كل شيء؟!
يقول حافظ إبراهيم في قصيدته الشهيرة:
وسعت كتاب الله لفظاً وغاية
وما ضقت عن آي به وعظات
فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة
وتنسيق أسماء لمخترعات
أنا البحر في أحشائه الدر كامن
فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي
إن المسألة تحتاج دراسة من جانب أهل الاختصاص والمهتمين والمعنيين بشأن اللغة العربية للوقوف على أسباب عزوف كثير من الشباب والشابات عن لغتهم والاهتمام والعناية بها والسعي لإيجاد الحلول المساعدة لعودة أبناء العربية للغتهم وتحبيبهم فيها وزرع مكانتها وقيمتها في نفوسهم.
والشيء بالشيء يذكر فقد كثرت أساليب تشويه اللغة العربية وانتشرت مؤخراً ومن ذلك كثرة الحركات الموضوعة على النص أو الكلمة وهي طريقة يتبعها المهتمون بالشعر والخاطرة رغبة في زخرفة النص وتزيينه وقد توضع الحركة في غير محلها بل ربما كثرت الحركات حتى يكاد يختفي النص الأصلي!!
وكذلك وضع المدة على الألف وإن لم تكن ممدودة واختصار حرف الجر على إلى (ع) وياء النداء إلى (ي) وغير ذلك مما لا يليق بحق اللغة ويستخدمه كثير من مرتادي الشبكة ومستخدمو أجهزة الهواتف الذكية.
وإني أخاطب عقول من ينهجون هذه الطريقة المزعجة قائلا لهم: لقد شرفنا الله عز وجل بلغة عريقة لم تؤثر فيها توالي السنين وكر العصور والأمم إذا فخرت بحضارتها ومنجزاتها فإن مما يفخر به العربي لغته الأصيلة لغة القرآن الكريم وهي مما يجب الاعتداد به وتقديمها على غيرها من اللغات ففي ذلك إثبات للهوية وتعزيز للانتماء في وقت نرى فيه تمسك أهل كل بلد بلغتهم وإرثهم الثقافي والحضاري من الواجبات وأكرر منادياً أهل الاختصاص وأقول لهم: لا بد من وقفة جادة لإيقاف ما يطال اللغة من عبث وتشويه بحجة الموضة أو غيرها وأرجو أن لا يؤخذ كلامي من باب المبالغة فالأمر مهم واليوم تستخدم هذه الطريقة (موضة) وغداً تحل محل اللغة الأصل فينسى الناس لغتهم الأصلية كما هو موجود في بلدان عدة وتصير اللغة العربية لغة الأخبار والقنوات الرسمية.
قال أبو منصور عبدالملك بن محمد الثعالبي في مقدمة كتابه فقه اللغة وسر العربية: إن من أحب الله أحب رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم ومن أحب النبي العربي أحب العرب ومن حب العرب أحب اللغة العربية التي بها نزل أفضل الكتب على أفضل العجم والعرب ومن أحب العربية عني بها وثابر عليها وصرف همته إليها.
محمد بن عبدالله الرشيد - الرياض