|
صدر كتاب البيان الموجز البديع في علمي البيان والبديع للكتور عبد الكريم الأسعد عن دار عالم الكتب.ويقول المؤلف: البلاغة في اللغة تنبئ عن الوصول والانتهاء، وهو أن يبلغ الرّجل بعبارته كنه مراده أي غايته، فيقال بَلُغَ الرَّجُل بلاغةً إذا أصاب من نفس مخاطبه حاجته وبَلَغَ منه ما أراده.وفي الاصطلاح هي تأدية المعنى الجليل واضحاً بعبارة صحيحة فصيحة لها أثر خلاب في النفس مع ملاءمة كل كلام للموطن الذي يقال فيه، فليست البلاغة - قبل كل شيء - إلا فناً من الفنون يعتمد على صفاء الاستعداد الفطري ودقة إدراك الجمال وتبين الفروق الخفية بين صنوف الأساليب.والبليغ إذا أراد أن ينشئ قصيدة أو مقالة أو خطبة فكّر في معانيها ثم دعا إليه من الألفاظ والأساليب أخفّها على السمع وأكثرها اتصالا بموضوعه ثم أقواها أثراً في نفوس سامعيه وأروعها جمالاً، وربّ كلام يكون في نفسه حسناً خلاباً حتى إذا جاء في غير مكانه وسقط في غير مسقطه خرج عن حد البلاغة وأصبح غرضاً لسهام الناقدين.وتختلف البلاغة باختلاف موصوفها وهو أحد اثنين: الكلام والمتكلم، ولا توصف بها (الكلمة) المفردة فلا يقال هذه كلمة (بليغة).وبلاغة الكلام هي مطابقته لمقتضى حال الخطاب مع سلامته من العيوب المخلة بفصاحته وفصاحة أجزائه، وبلاغة المتكلم هي ملكة قائمة به راسخة فيه يتمكن بها متى شاء من تأليف كلام بليغ في أي معنى يريد.وتطلق الفصاحة في اللغة على معان عدة تنبئ جميعها عن معنى الظهور والبيان، يقال أفصح فلان عما في نفسه إذا أظهره وأبانه، ومنه قوله تعالى حكاية عن موسى عليه السلام: {وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ} (القصص: 34).أما الفصاحة في الاصطلاح فهي: ما توصف به الكلمة المفردة ويوصف به أيضا الكلام والمتكلم، أي أن معناها يختلف باختلاف موصوفها.ففصاحة الكلمة أن تسلم من العيوب الثلاثة وهي: تنافر الحروف، ومخالفة القياس اللغوي والغرابة، فتنافر الحروف هو أن تكون الكلمة ثقيلة على اللسان يتعسر النطق بها كلفظ (الظّش) للموضع الخشن، و(الهُعخَع) لنبات ترعاه الإبل، و(النّقاخ) للماء العذب، و(مُسْتَشْزِرات) أي مرتفعات، أما مخالفة القياس اللغوي فهي أن تكون الكلمة مخالفة لما ثبت عن الواضع كجمع بوق على بوقات بدلاً من أبواق، وكقولنا (الأَجْلَل) بدلاً من (الأجَلّ)، وأما الغرابة فهي أتكون الكلمة وحشيّة غير ظاهرة المعنى فيحتاج في معرفته إلى التنقير في كتب اللغة المبسوطة كلفظي (تكأكأتم) و(افرنقعوا).وفصاحة الكلام هي أن يبرأ من (ضعف التأليف، وتنافر الكلمات، والتعقيد)، وضعف التأليف هو أن يكون الكلام في تركيبه مخالفاً للمشهور من قوانين النحو، كالإضمار قبل ذكر المرجع كما في قول القائل (أنْقَذَ خادمُهُ الأميرَ) فالمثال المذكور غير فصيح لضعف تأليفه.