يوجد لدينا أغلى الساعات في العالم الخاصة بالنساء والرجال والمرصعة بالذهب والألماس، وفي سياراتنا ساعات وفي هواتفنا المحمولة خاصية للمنبه والوقت والتقويم وغير ذلك وحتى أجهزة التلفاز الحديثة يظهر مؤشر الساعة في جنبات الشاشة وأصبحت الساعات توجد في بعض الأقلام ومنها ما يعلق على الحائط وهو قديم ومنها ما هو على المكاتب.
والسؤال الذي يتردد دائماً وتكون الإجابة مخيبة للآمال ماذا عن التزامنا بالوقت مع الناس والاستفادة من الوقت في حياتنا الخاصة والعامة وهل نحن نقدر قيمة الوقت؟ وهل الوقت يذهب سدى دونما استفادة منه؟ بالتأكيد الإجابة مؤلمة كما ذكرت بل محزنة للغاية.
- لو أن أحداً منا في نهاية الأسبوع -وليكن يوم الجمعة- وجلس واستعرض أيام الأسبوع وما أنجز فيه من أعمال خاصة أو عامة بالتأكيد ستأتي الإجابة مختلفة، وسيكون من ضيع وسوّف أكثر ممن عمل.
- لو نظرنا إلى بعض المدارس بل والجامعات واستمعنا إلى شكاوى الطلاب من «القدوة» المعلم أو الدكتور الذي لا يحضر للمحاضرة أو الدرس، أو يتأخر بل إن بعضهم يتغيب عن المحاضرة مرتين أو ثلاث بترتيب مسبق منه دون إشعار للطلاب وفي هذا من احتقار الطلاب ما يندى له الجبين وإهدار وقتهم!
- لو نظرنا إلى الرحلات التي تتأخر يومياً عبر خطوطنا الجوية وكم من الساعات التي تهدر في حق المسافرين والآلام بل والخسائر المادية التي يتكبدونها!
- لو نظرنا إلى أحوال بعض الآباء الذين يقضون في الاستراحات والجلسات الخاصة يومياً ساعات طوالاً على حساب أعمالهم وأولادهم وبيوتهم ومسؤولياتهم وربما ضاع عليهم الشيء الكثير أيضاً في دينهم ودنياهم!
- لو نظرنا إلى المواعيد التي لا يتقيد بها أصحابها حينما يضربون موعداً مع الآخرين ولايتقيدون بالحضور في الوقت المناسب بل قد لا يحضرون!
- لو نظرنا إلى الوقت الذي ينتظره العشرات في وليمة أو مناسبة بانتظار رجل واحد اعتاد التأخر وإهانة الناس!
- لو نظرنا إلى الموظف الذي يعتاد التأخر أو الغياب ولديه من المعاملات التي تتعطل بها مصالح الناس!
وهناك من يتساهل بالدقائق بل والساعات مع الآخرين وهو لا يدري قيمة الوقت ولا يحس به لأنه فاقد للمسؤولية والأمانة وتتعدى المصيبة حينما تكون المماطلة والتأخير والإهمال مع جماعة أو عدد كبير وليس مع فرد فكل هؤلاء خسروا الدقائق التي لو ضربت في عددهم لأصبحت ساعاتٍ وأياماً أهدرها هذا المماطل والمتأخر.
إن ديننا الحنيف يحث ويدعو إلى احترام الوعد، وعدّ ذلك من صفات المؤمنين والأنبياء والمرسلين وقال عن بعض الرسل عليهم السلام «إنه كان صادق الوعد» ولذا فقد اهتم الإسلام بالوقت ووردت الآيات والأحاديث التي تدعو لذلك وكان النبي صلى الله عليه وسلم وهو القدوة لنا مثالاً لنا في ذلك ونهج الصحابة الكرام رضوان الله عليهم هذا النهج وكانوا حريصين على أوقاتهم وكان نتاج ذلك العلم النافع والعمل الصالح والجهاد المبرور والفتح والحضارة الراسخة.
لقد أقسم الله -سبحانه وتعالى- بالعصر وبالضحى وبالليل والنهار وغيرها من الأوقات، وهو أكثر ما أقسم الله به، والله -جل وعلا- لا يقسم بشيء إلا لأنه عظيم، وليس حديثي هنا عن استغلال الوقت وهو مهم بلا شك، ولكننا مع الأسف نتحدث عن قضية ما كان يجب أن تكون لو التزمنا بتعاليم ديننا، فنحن نتحدث عن إضاعة أوقات الناس ومصالحهم بالتسويف والمماطلة وإخلاف المواعيد وعدم الالتزام، وأين هم من قول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: ومتى أنام؟ إن نمت بالليل أضعت حق ربي، وإن نمت بالنهار أضعت حق الرعية وإذا كان الإنسان سوف يسأل عن نفسه وعن الوقت الذي أضاعه فهو من باب أولى أن يسأل عن حقوق الناس وأوقاتهم كيف أضاعها وهذه الغفلة والاستهتار وعدم الجدية سوف يسأل عنها الإنسان يوم القيامة.
خاتمة:
عن ابن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «لا تزول قدم ابن آدم يوم القيامة حتى يسأل عن خمس: عن عمره فيما أفناه؟ وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وماذا عمل فيما علم « سنن الترمذي.
alomari1420@yahoo.com