كتب-محرر المدارات
ذاكرة التاريخ تزخر بالعبر التي يشيب لها الولدان، فلكل زمان صفوة وحثالة من أهله يكونون الجانبين االمضيء والمظلم، والخير والشر والوفاء والغدر والكرم والشح والبر والعقوق، إنها المتضادات التي أوجدها البارئ عزوجل لحكمة بالغة، نستلهم منها الحكمة والعبرة ونرى من حولنا بالعين والعقل والشعور ليزداد الضياء ضياء ورونقا بمقارنته بضده ويزداد الظلام ظلاما ورفضا.
وقد قال شاعر بصير:-
الليالي من الزمان حبالا
مثقلات يلدن كل عجيبة
ومن عبر الزمان في الناس خيبة الامل في الاصدقاء الذين ربما فضلهم الانسان في يوم ما على نفسه، وما ان تغير الهدف من الصداقة حتى تغيركل شيء وهاهو صفي الدين الحلي يقول :
كالصِّلّ يظهرُ ليناً عندَ ملمسهِ،
حتى يُصادِفَ في الأعضاءِ تَمكينا
يطوي لنا الغدرَ في نصحٍ يشيرُ به،
ويمزجُ السمّ في شهدٍ ويسقينا
وقد نَغُضّ ونُغضي عن قَبائحِه
ولم يكُنْ عَجَزاً عَنه تَغاضينا
وقد يكون القرب طمعا في مال يقول ابو الشيص:-
جفاني صديقي حين أصبحت معدماً
وأخّرني دهري وكنت مقدما
وقد تصل الصداقة بعد بلوغ الهدف وذبول المودة الى الجمود وحول هذا يقول بن الخيمي:
إذا رضي الصديق من الصديق
بمتفق السلام على الطريق
فما يتزاوران بغير عذر
ولا يتعاتبان على العقوق
فقد جعلا سلامهما عزاء
على موت الصداقة والخفوق
وقد تهون الاذية من الناس بشكل عام اذا لم يؤمن الاصدقاء على جوهر المحبة والوفاء وقد قال محمد بن احمد السديري هذا البيت بفكر العارف الحكيم المجرب:-
لاخاب ظني بالرفيق الموالي
مالي مشاريهٍ على نايد الناس
وماذا يريد الانسان من حفاظه على الصداقةكحفاظه على عينيه يقول عدوان الهربيد:-
لا صار بالدنيا صديقك يخليك
ما من ورا عوج النصايب صداقه
وقد ينخدع أحدنا بمتظاهر بالمودة والطيب والوفاء الى ان تنتهي مصلحة ما او يفقد مريدها تحققها ونندم على اننا لم نكن اكثر رؤية وحصافة في اختيار من نصادق يقول رميزان بن غشام التميمي:-
يا جبر تشكي الملح وأشكي رفاقةٍ
ظني عدمها خيرٍ لي من وجودها
بذرت الحساني بالحصاني وغرني
مصافى الحصاني عن مصافى أسودها
أظن ان العدسة التي نرى الناس من خلالها احيانا تكون غير صافية ا وان بها خدوشا تمنع الرؤية وقد نستغني عن تلك العدسة بمنظار النوايا الحسنة ومسبار الاهداف البيضاء وهنا قد ننخدع باحدهم يقول عبدالعزيز الشهيل:
كم ضاحكٍ يضحك وفي جوفه السم
وليا بحثت أقصاه شفت المطمة
أول إذا ينخاك تممت له تم
تبذل له المجهود شرقٍ ويمة
وليا عرفته.. لا جلس قلت له قم
دوّر وتلقى لك من الخلق رمة
ما دام وجهه بالحيا ما حوى دم
فرقاه تشبه ديمة مدلهمة
عرف الردي لو هو أخو أو ولد عم
نقص ولا ينفعك عند الملمة
رافق عريبٍ عن هل الناقصة زم
حرٍ مداهيله على راس قمة
ولان حسن وسوء الظن بالغير يجب استخدامها بميزان عادل يقول حمد المخلفي:-
علاقة ماهيب تبنى على طيب
ودك تموت وتندفن في مهدها
لاصار يتبع دربها الشك والريب
تات الحسايف والنكد من بعدها
بنيت على النمة وشذب العراقيب
ومصالح الدنيا على من وجدها
اللي على الرفقة قريّب محاضيب
شذبة رفيقه عادة معتمدها
ومن المهم الحسم في العلاقات التي يتبين منها مالا نرغب من خلق فيمن نعرفهم يقول سالم بن دخيل الحبابي:-
الغياب من المقاريد خير من الحضور
والحظوظ الطيبة ماتبي خيل وجيش
والخوي من الخوي كان ماشاف القصور
لاتصافح من يقول اله يوم اقفيت ليش
من تردى في مباديه تاليه الدبور
وش تبي ياطيب القلب فالقلب الغشيش
إلى ان يقول:
زبدة الموضوع ياللي تدقق فالسطور
العروش الشامخة ماتقارن بالعريش
وان جهلنا في عيال البطون من الظهور
الزمان يبين فيه الاصيل من الكديش