قرأتُ مقالة الكاتب سلطان المالك في زاويته «أفق» عبر الصفحة الاقتصادية بجريدتنا الجزيرة، وذلك يوم الأحد 16 شعبان في العدد رقم 14171 مشيداً بفئة غالية من أبناء هذا الوطن ذكوراً وإناثاً، الذين تبنوا مشروعاً خيرياً مباركاً، وقاموا بعمل جليل يستحق الشكر والتقدير، ألا وهو سقيا المحتاجين من الأُسَر والعمالة الكادحين في فصل الصيف الذي تشتد فيه حرارة الشمس وتجف فيه الحلوق وتزداد الرغبة في شرب السوائل، وخصوصاً «الماء» الذي هو عصب الحياة. وقد قال الكاتب في ثنايا مقالته: «الجميل في المشروع كذلك أن من يتولى عملية التوزيع هم من الشاب المتطوعين لفعل الخير». نعم، والله إنه لجميل ثم جميل أن يتولى هذه المهمة هؤلاء الفتية والفتيات الذين يمتلئون حيوية ونشاطاً، ويتدفقون عطاءً، ويرومون سمواً، ويبتغون ثواباً مُثبتين أن هذا الوطن يحفل بجيل واعد صاعد يحب الخير وينشره مُظهِراً الصورة المشرقة للوطن الذي عُرف أهله بالجود والعطاء والبذل والسخاء على المستوى الحكومي والشعبي، والذي يظهر جلياً عند النكبات التي تحل بإخواننا وأشقائنا في البلاد المجاورة قرباً وبُعداً.
ومثل هذا التسابق من شبابنا وشاباتنا في مجال التطوع وعمل الخير أمرٌ مبهج للقلب مُسعد للنفس، يدعو من يتولى شؤون الجمعيات الخيرية ومحاضن العطاء في بلادنا الغالية إلى الاستفادة منهم ومن نشاطاتهم وإبداعاتهم وإتاحة الفرصة لهم ودعمهم وتشجيعهم ولو بكلمة طيبة ودعوة غالية؛ فإشغالهم في مثل هذه المناشط والمشاريع النافعة الهادفة فيه رقي لنفوسهم وسمو بأخلاقهم وملء فراغهم بما يعود عليهم بالنفع وإبعادهم عن مواطن الفساد وأهله وتعويدهم على خدمة الآخرين التي يجدون فيها لذة منقطعة النظير؛ حيث يقطفون محبة الله؛ وبالتالي يذوقون حلاوة صنيعهم الطيب، ومصداق ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم «أحب الناس إلى الله أنفعهم». وإني لأعرف مجموعة من أبناء الوطن في ريعان شبابهم يقومون على مشروع تفطير رمضاني تشرف عليه جمعية تمير الخيرية عن طريق رجال أكفاء ومربين أوفياء على خط الرياض - القصيم - سدير السريع، وعمره الآن عشر سنوات، يُوجدون في مقر المشروع من بعد صلاة العصر إعداداً للمكان وتهيئة لوجبة الإفطار واستقبالاً للصائمين المسافرين بترحيب ترافقه ابتسامة تعلو محياهم، يحدوهم الأمل في الظفر بالأجر والثواب من الرب الكريم، ومثلهم شبيبة معطاءة يقفون بوجبات الإفطار الجاهزة عند الإشارات في المدن الرئيسية كالرياض والقصيم وغيرهما، يهبونها للصائمين ممن لم يتمكنوا من الوصول في لحظات الإفطار إلى منازلهم، معينين لهم على تعجيل الفطر تطبيقاً لسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم. وبالطبع إن مثل هذا العمل الجليل تحت إشراف جمعيات خيرية موثوقة، من مناشطها تفطير الصائمين الذي يزدهر في شهر رمضان المبارك الذي نتفيأ ظلاله الوارفة ونرتشف نسماته المباركة وتنتعش نفوسنا بروحانيته.. فهنيئاً لنا بلوغ هذا الشهر العظيم، وجعلنا الله من صوامه وقوامه إيماناً واحتساباً، وهنيئاً لنا بأهل العطاء والبذل والتضحية البدنية من شبابنا وشاباتنا الذين يعدون مفخرة للوطن الغالي ومكسباً كبيراً.. وأقولها مكرراً: يتوجب على أهل المسؤولية في مرافق ودوائر الوطن خيرية وحكومية بل ومواطنين دعمهم وتشجيعهم ومؤازرتهم واستغلال طاقاتهم والاستفادة من إمكاناتهم. وفقهم الله، وبارك فيهم، وجعلهم أنصاراً للدين وحماة للوطن.
عبدالله بن سعد الغانم - تمير