لقد ثبت عن النبي النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح أنه قال: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) متفق عليه.. ومعنى الباءة هي مؤونة الزواج وقوله النبي صلى الله عليه وسلم يا معشر الشباب- ليست قيداً في الحديث ولكنه تعبير بالأغلب، لأن الغالب هو حاجة الشباب للزواج أكثر من غيرهم لقوة الغريزة لديهم وقد رد النبي النبي صلى الله عليه وسلم على عثمان بن مظعون التبتل وهو الانقطاع للعبادة وترك الزواج قال سعد بن أبي وقاص لو أذن له -أي في التبتل- لاختصينا - يعني حتى نسلم من شر الشهوة.
ولترك الزواج أو تأخره مفاسد وآثار سيئة كثيرة نذكر منها:
1- الوقوع في الحرام والفواحش وعدم حفظ البصر والفرج ونحن مأمورون بحفظهما فقد تعالى: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى}.
2 - الحرمان من الذرية الصالحة التي تقر بهم العين وقد كان الأنبياء يدعون ربهم أن يرزقهم الذرية الصالحة قال تعالى {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء}.
3 - القلق والاضطراب بسبب عدم إشباع الغريزة لأن حصول السكن لا يحصل إلا بالزواج قال تعالى {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}.
4- إنفاق الأموال الطائلة في غير وجهها الشرعي لتحصيل الشهوات المحرمة كالسفر لبلاد السفور مما مفاسده لا تخفى على أحد في إفساد الدين والأخلاق، وقد ذكر النبي النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح (أنه لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع، وذكر منها عن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه).
ومما يساعد في علاج تأخر الشباب عن الزواج بيان الحكم الشرعي للزواج حيث إنه يجب مع القدرة عليه ووجود الشهوة وخوف الوقوع في الفاحشة، وهذا يدفع الشباب لأداء هذا الواجب والإسراع فيه، وأيضاً عدم التكلف في نفقات الزواج؛ لأن الشاب إذا علم أن أمامه نفقات باهظة إذا ما أراد الزواج فإنه سيترك الزواج أو يؤخره ولا يخفى ما في ذلك من المفاسد العظيمة والآثار السيئة، وأيضاً مما يساعد في العلاج بيان ما في الزواج من حسنات ومصالح عظيمة في الدنيا والآخرة ففي الدنيا حصول السكن والاستقرار، والذرية الصالحة، وحفظ البصر والفرج، وتكثير الأمة وفي الآخرة حصول نفع الأبناء لآبائهم وأمهاتهم إذا كانوا صالحين، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث وذكر منها أو ولد صالح يدعو له)، وأيضاً مما يساعد في العلاج بيان ما في تأخير الزواج من مخاطر ومفاسد وعدم الإصرار على طلب صفات الكمال في الزوج أو الزوجة؛ لأن الكمال المطلق من جميع الوجوه هو لله تعالى وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح (تنكح المرأة لأربع: لجمالها ولمالها ولحسبها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك) وقال النبي صلى الله عليه وسلم (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) وفي رواية (وفساد عريض)، وأيضاً مما يساعد في العلاج إقامة المشاريع الخيرية التي تساعد المتزوجين على تحمل أعباء الزواج من قبل المؤسسات الخيرية كمشروع الزواج الجماعي الذي نفع الله به واستفاد منه كثير من الشباب فجزى الله القائمين على مثل هذه المشاريع الخيرية خير الجزاء.
* عضو الجمعية الفقهية السعودية