المكاتب التعاونية للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات في بلادنا العزيزة المباركة المملكة العربية السعودية بذرة من بذور الخير، وسنبلة أنبتت سنابل، وما زالت تؤتي نتاجها الطيب صيفاً وشتاءً، وعمّ نفعها القاصي والداني، ولمس الجميع وشاهد ما تقدمه من خدمات جليلة في الدعوة إلى الله - عز وجل - ودعوة غير المسلمين إلى الإسلام وتوعية المجتمع والمحافظة على القيم والأخلاق الإسلامية التي تمثل الوجه الحقيقي لمجتمعنا المسلم.
ولم تقتصر جهود المكاتب التعاونية في كل مدينة ومحافظة وقرية على الجهود الدعوية بل كان لها مساهمات اجتماعية متميزة في إقامة المهرجانات السياحية والترفيهية، وقَلّ أن تجد مدينة أو قرية إلا ولهذه المراكز السبق في دعم المهرجانات الصيفية فيها إما بتنظيمها بالكامل أو المساهمة فيها بفاعلية. ولعلي أقدّم هنا أنموذجاً مثالياً لهذه الأعمال الاجتماعية الإيجابية، ومنها مهرجان (ملتقى ربوة الرياض) الذي ينظمه ويشرف عليه المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بالربوة، هذا المهرجان الذي يقام سنوياً، عدا العام الماضي، وهو يمثل امتداداً للنجاحات المتوالية طيلة إقامته لأربع مرات، وهذه هي المرة الخامسة، وعلى مدى ثلاثة أسابيع في ساحة العروض في الدائري الشرقي. وإذا كان نجاح المهرجان يُسجَّل للمكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات والشباب الذين تطوعوا معه في تنفيذ الفعاليات فهناك شركاء في النجاح، هم مجموعة من المؤسسات الحكومية والعامة والخاصة أمثال وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، وأمانة منطقة الرياض والاتصالات السعودية، وأرامكو السعودية، وعدد من المؤسسات الخيرية والتجارية التي لا يتسع المجال لذكرها وما قدمته على سبيل المثال لا الحصر.
لقد سجلت الإحصاءات لحضور المهرجان الأخير لعام 1430هـ أكثر من مليون زائر وزائرة من الرجال والنساء، الصغار والكبار، المواطن والمقيم، وسكان مدينة الرياض وضيوفها، كل هؤلاء وجدوا بغيتهم في هذا الملتقى من اللعب والمرح والثقافة والمعرفة بل حتى أصحاب البيع والشراء حصلوا مرادهم بين البائع والمشتري.
لقد حضرت هذا الملتقى، وبعيداً عن أعين القائمين على الملتقى، لأمرين، أولهما الاطلاع على النجاح الخاص الذي شاركت به الوزارة وقامت من خلاله بتوزيع وإهداء المطبوعات وتبيان جهودها الموسمية أو الخاصة ببعض الفعاليات، والأمر الآخر صحبة الابن زياد والابنة جواهر وإلحاحهما على المشاركة في الفعاليات عقب سماعهما عنها ليس من زملائهما في الرياض فحسب بل من الزائرين لهذا الملتقى من خارجها. وقد حظي هذا المهرجان بتقدير المسؤولين في منطقة الرياض، وعلى رأسهم صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض وصاحب السمو الملكي الأمير سطام بن عبدالعزيز نائب أمير منطقة الرياض اللذان أوليا عنايتهما لهذا الملتقى؛ فكان ظهوره بهذه الصورة الناصعة ترجمة للعناية التي وجدوها من سموهما ومن الجهات الداعمة.
وتقديراً للجهد المبذول في التنشيط السياحي لهذا الملتقى فقد حظي بحضور كثيف، كان سببه أولاً، بعد توفيق الله، التخطيط الجيد للعمل من خلال حملة إعلامية موسعة في أبرز مدن المملكة؛ حيث تمت طباعة 22.000 بوستر و(500.000) بروشور و(1000) إعلان يومي بالشاشات «صوت وصورة» و(600.000) رسالة جوال، وقد استغرق هذا العمل والتخطيط ستة أشهر.
وقد بلغ عدد زوار هذا الملتقى مليون زائر وزائرة، استضافتهم أرض الملتقى البالغة مساحتها 160.000 متر مربع، وتمت تهيئة 21 خيمة «صيوان» تتسع للآلاف، مع تغطية 5000 متر مربع بالرذاذ لمواجهة حَرّ الصيف.
وبالطبع لم يكن الملتقى مجرد محاضرات دعوية ودروس دينية لأصحاب الفضيلة المشايخ، وهو أمر مهم بالتأكيد، ولكن تم إنشاء ملعب كروي مزروع بالإنجيلة الصناعية، ومزود بالإضاءة، وقُدّمت العديد من الدورات التدريبية والورش العملية بالمجان للحضور، والتحق بالدورات 5000 متدرب من خلال 65 دورة تدريبية صنعت الفرق من خلال مدربين وخبراء في تطوير الذات، وكان للشعر والإنشاد حضور، وللألعاب الرياضية المسلية حضور أيضاً، وكذلك عروض الليزر والألعاب البهلوانية والمسرحيات للكبار والصغار وبرامج أدخلت البهجة والسرور والتشويق على الحضور، التي زادت على 218 برنامجاً، وكانت بحق متنفساً للأسر بالبرامج الترفيهية والترويجية، وكان الكبار ينافسون الصغار في المشاركة في المسابقات الترفيهية؛ ما أضفى نوعاً من الفرح والسعادة على الجميع.
والجاليات غير المسلمة نالها نصيبها من العناية والاهتمام حضوراً وفاعلية، فهذه الجاليات التي تعيش بيننا خصص القائمون على المهرجان أو الملتقى لهم خيمة تقدم لهم الدعوة بقالب يتناسب معهم، وأثمر ذلك عن إسلام 14 رجلاً و43 امرأة في المهرجان الأخير، وها هي البشائر تتوالى بإسلام العشرات من الجنسية الصينية دفعة واحدة في هذا العام.
وإلى جانب الترفيه كان لا بد من الإسهام في خدمة المجتمع بجوانب أخرى؛ حيث خُصّص جناح للتبرع بالدم بالتنسيق مع عدد من المؤسسات الصحية، ولقي هذا النجاح إقبال المتبرعين.
إنني لا أستطيع أن أحصر الإنجازات والأعمال الطيبة لهذا الملتقى، ولكنها دعوة صادقة ومن القلب بأن يجزي الله القائمين على هذا الملتقى خير الجزاء، وأن يُثيب بالأجر ويشمل الداعمين الذين كانوا شركاء للنجاح.
خاتمة:
من العبارات الجميلة التي خلدت نجاحات هذا الملتقى أنقل إليكم هذه المشاعر: «في فصل الصيف يتغير وجه الأرض؛ فكل شيء يشعرك بالحرارة والخمول، وتبقى كلمة الصيف الكلمة التي ترمز لوقت الإجازة والفراغ. فكان ملتقى ربوة الرياض الذي صنع للناس الفائدة والخير والترويح والمتعة في وقت هم في أشد الحاجة إلى ذلك».
alomari1420@yahoo.com