تكتب لام التعريف سواء أنطقت أم لم تنطق، وتسمى، إن نطقت، اللام القمرية نسبة إلى القمر الذي تُظهر فيه اللام قبل القاف، فإن أدغمت في الحرف بعدها فلم تنطق بل شدّد ما بعدها فهي اللام الشّمسية، نسبة إلى الشّمس الذي لا تُظهر فيه اللام قبل الشين.
وتكون اللام قمرية أو شمسية اعتمادًا على الصوت الذي يليها؛ فإن كان من الأصوات المجاورة لمخرجها فإنها تُدغم فيه فتكون شمسية، وإن كان من الأصوات البعيدة مخرجًا فإنها تُظهر فتكون قمرية. لذا نجد لام التعريف الشّمسية تدغم في الأصوات الغاريّة التي يرتفع اللسان عند نطقها نحو غار الفم، وهو المنطقة الصلبة من سقف الفم، وهناك تخرج ثلاثة أصوات هي (ج، ي، ش) واللام تدغم في الشين منها، أما الجيم فلا تدغم فيها لأن هذا المخرج ليس للجيم في الأصل فهي مقدمة عن تأخير؛ إذ هي في الأصل طبقية كالكاف بعيدة عن اللام، ومع هذا نجد بعض اللهجات الحديثة تدغم اللام في الجيم رعاية لقربها الحالي، فنسمع بعض الناس في الحجاز يقول (الجّامعة) بتشديد الجيم، أما الياء فلم تدغم اللام فيها لأنها علة. وتدغم اللام في الأصوات اللثوية التي تخرج في اللثة وهي المنطقة المتعرجة من سقف الفم مما يلي أصول الأسنان (ل/ ر/ ن/ س/ ش/ ص/ ز)، وتدغم في الأصوات الأسنانية اللثوية التي تخرج بانطباق طرف اللسان على أصول الأسنان وأول اللثة (د/ ط/ ت)، وتدغم في الأصوات الأسنانية التي تخرج بإقحام طرف اللسان بين الأسنان (ذ/ ث/ ظ).
وأما الأصوات البعيدة عنها مخرجًا فتُظهر معها فلا تدغم في الشفوية التي تنطق بانطباق الشفتين (ب/ م)، ولا الأسنانية الشفوية التي تنطق بلقاء الشفة العليا والأسنان السفلى (ف)، ولا الطبقية وهي التي تنطق بارتفاع اللسان إلى الطبق وهو الجزء اللين من سقف الحلق (غ/ خ/ ك)، ولا اللّهوية التي تنطق بارتفاع اللسان نحو اللهاة (ق)، ولا الحلقية (ح/ ع) ولا الحنجرية (أ/ ؟).
إن التفريق بين اللامين الشمسية والقمرية واضح فما تنطق وتكتب فهي القمرية وما تدغم وتكتب فهي الشمسية، غير أن اللام التي تليها لام ربما أشكلت بعض الإشكال فهي تبقى في الصوت لامًا لإدغامها في لام بعدها؛ ولذلك ربما يُظن أنها قمرية لأنها تظهر في اللفظ ظهورها مع القاف في (القمر)، ولكنها في حقيقتها شمسية تدغم في اللام بعدها، وربما يشكل على بعض الناس رسم الشدة فقد نراهم يضعون الشدة على اللام الأولى، والصواب أن توضع على اللام الثانية كما في كتابنا كلمة (اللّيل)، إذ الشدة ترسم على الحرف الثاني الذي أدغم فيه (الشَّمس)، واللام في (الشَّمس) غير معتدّ بها نطقًا وإن أثبتت فهي إذن في (اللّيل) كذلك، وكان يمكن أن يكتفى بلام واحدة تظهر الشدة عليها كما نراها في رسم المصحف {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} (1) سورة الليل، ولكن اقتضت القاعدة الإملائية أن يكتب المدغمان حرفين إن كانا من كلمتين، ولذلك نجد الدال مكتوبة وإن كانت تنطق تاءً لأنها مدغمة في تاء الفاعل كما في قولنا (عُدتُّ)، ولا يكتب المدغمان حرفًا واحدًا إلا إن كانا في كلمة واحدة كاللام في (علّم، دلّ). والدليل على أن حرف اللام غير معتد به أنه يسقط في الكتابة بسقوط همزة الوصل حين تدخل على الاسم لام الجر أو التوكيد (ل + اللّيل) ) (للّيل)، ولو تركت اللام كما تركت مع الفاء والواو (فاللّيل/ واللّيل) لاجتمعت ثلاث لامات (لللّيل) وهو اجتماع مكروه في الخط. وما ينتهى إليه أن لام التعريف شمسية قبل اللام وترسم الشدة على اللام الثانية (اللّيل).