قرأتُ في جريدة الجزيرة الصادرة يوم الخميس 2-6-1432ه العدد 14098 ص 20 بـ(عزيزتي الجزيرة) كتابة للأخ إبراهيم الملاح - عنيزة، يعقب بها على حديث للدكتور فيصل شاهين، المدير العام للمركز السعودي لزراعة الأعضاء بالمملكة. يقول الأخ المعقِّب «إنه من المؤسف أن يموت أموات بأعضاء حية ويعيش بيننا أناس بأعضاء ميتة». وأكد أن المشكلة الوحيدة التي تواجه المركز وتُسبّب نقص الأعضاء هي رفض ذوي المتوفَّى دماغياً التبرع بأعضائه، وأنه لم يوافق على التبرع من ذوي المتوفين دماغياً سوى نسبة 40 % فقط، أما النسبة الباقية (60 %) فإنهم يقولون إنهم يحتاجون إلى جهود جبارة وميزانيات كبيرة وسنوات طويلة حتى يقتنعوا... إلخ ما قاله. وفي تعقيبي أقول: إن نقل الأعضاء من ميت الدماغ يكتنفه أمور، منها اختلاف الفقهاء المعاصرين في موت الدماغ، هل هو موت أو مقدمة للموت وصاحبه بالاحتضار؟ ثم إن أعضاء ميت الدماغ قد لا يتم التبرع بها من أقارب الميت - كما ذكر الكاتب - بسبب الرفض الذي يحصل لدى كثير من الأقارب، ثم إن أعضاء ميت الدماغ لو تم التبرع بها تتطلب السفر بها ونقلها أو نقل المريض المحتاج إليها، وفي كلتيهما تأخير، والأمر يقتضي السرعة، ثم الأعظم من ذلك أن أعضاء ميت الدماغ متهالكة قد مات الكثير من خلاياها، وتنقصها التروية الكاملة للعضو والحيوية والحياة الكاملة للعضو المراد نقله؛ ما قد لا يتوافر فيه على حاله.
ولكنني أقول: هناك موضوع مهم وأشمل من نقل الأعضاء من متوفي الدماغ، وهو نقل الأعضاء من الحي المحكوم عليه بالقتل بعد إذنه بذلك قبل قتله، خاصة إذا كان قتله نهائياً لا رجعة فيه؛ فأعضاؤه في منتهى الحيوية والنشاط، ونقلها لا يحصل مفاجئاً كما في موت الدماغ. ومن الممكن عند تنفيذ القتل أن يكون ذلك في المكان المخصص لنقل الأعضاء وفي غرفة العمليات. مع حضور المرضى المحتاجين للنقل، ويتم الاستئصال في الحال من المحكوم عليه بالقتل وهو تحت وطأة المخدِّر والنقل إلى المريض المحتاج للعضو. وفي هذه الحال يكون العضو المنقول في منتهى الحيوية والتروية الكاملة. وقد اطلعتُ على كتاب صدر حديثاً في الموضوع، هو (نقل الأعضاء من المحكوم عليه القتل) للدكتور عبدالله بن محمد أحمد الطريقي، ولعل فيه بياناً أوضح وأشمل مما أشرتُ إليه في هذا التعقيب. وفي نظري أنه أجدى من الناحية الطبية، وأيسر من جهة سرعة النقل للعضو المراد استئصاله، والمحكوم عليهم بالقتل قد يحصل منهم التبرع، ولا ننسى أن الواحد منهم إذا تبرع فسوف تتم الاستفادة من أعضائه لعدد غير قليل من المرضى، وهم كُثُر، ويتم التنسيق في ذلك بفترة كافية قبل تنفيذ الحكم، خاصة أن أعضاء المقتول سوف تموت معه إن لم يقم بالتبرع بها، ولعل في ذلك محواً لسيئاته، وهو من حُسْن الختام. ولعل المجامع الفقهية والهيئات الشرعية تعطي الموضوع زيادة دراسة واستقصاء وإصدار فتوى حول الموضوع؛ فهو جدير بالبحث والدراسة، وفيه مصلحة عظيمة للمرضى الذين ينتظرون السنين الطويلة تحت وطأة المرض الذي قد لا يسمح بالانتظار.
أسأل الله لهم الشفاء العاجل، وللمعالجين لهم التوفيق والسداد.
د. عبدالله آل عبدالمحسن