|
بقلم: ستيفن وونكر(*)
أمام تآكل الأعمال الأساسية لدى الشركات يبدو أن معظمها يكتفي بعدم القيام... بأي شيء. وخير الأمثلة على ذلك تبني شركة «بلوك باستر» (Blockbuster) الخجول لتسليم البريد الإلكتروني، وبث الوسائط المتعددة، وخطوات صناعة الصحف المترددة نحو النشر الرقمي، ومراهنة الشبكات التلفزيونية على عدد قليل من البرامج الهامة.
وبالنسبة إلى «بارنز أند نوبل»، أكبر شركات بيع الكتب في أميركا، فهي تخالف حالياً التوجهات. وفي الوقت الذي تنهي فيه أكبر منافساتها شركة «بوردرز» (Borders) مسيرتها بإشهار إفلاسها، تقوم «بارنز أند نوبل» وسط الاضطرابات بوضع خطة نموٍّ جديرة بالثقة لها مصداقيتها. وبحسب «برينت كوم كونسالتينغ غروب» (PrintCom Consulting Group)، فقد تراجعت مبيعات الكتب عموماً بنسبة تتراوح بين 2.5% و3% عام 2010، مع العلم بارتفاع مبيعات الكتب الإلكترونية الشديد ونموها بنحو 150% على أساسٍ سنوي. وتتجه «بارنز أند نوبل» نحو هذا المستقبل بخطوات جريئة من خلال ثلاثة أساليب تحمل العِبَر لأي شركةٍ تواجه تعثراًً على مستوى أعمالها الأساسية:
منافسة الأعمال الموروثة: بدلاً من السير عكس موجة الكتب الإلكترونية السائدة، أقدمت «بارنز أند نوبل» على تبني ما لا مفرّ منه من خلال جهاز القارئ الإلكتروني «نوك» (Nook) الخاص بها. وبدورها، أقدمت شركات بيع الكتب التقليدية الأخرى على طرح الكتب الإلكترونية عبر شبكة الإنترنت، فيما رخّصت «بوردرز» لقارئٍ إلكتروني خاص بها استقدمته من شركة خارجية تدعى «كوبو» (Kobo). ومع ذلك، تبقى «بارنز أند نوبل» شركة البيع بالتجزئة التقليدية الوحيدة التي قامت بتطوير أجهزتها الخاصة، بحيث دخلت بقوة إلى عالم أجهزة القراءة الإلكترونية إلى حدٍّ نمت معه حصتها في سوق الكتب الإلكترونية بنسبة 26%.
التّركيز على العملاء الهدف: تحاول «أمازون» (Amazon) أن تجعل من قارئ «كيندلر» (Kindler) الإلكتروني جهازاً متعدد الاستعمالات بحيث يسهّل على المستخدمين تحميل لملفاتٍ من نوع «بي دي أف» (PDF) من حواسيبهم الخاصة وتدوين ملاحظاتهم على النصوص. أما «كولور نوك» (Color Nook) من «بارنز أند نوبل»، فيصبّ جام تركيزه في المقابل على القراءة – إنما يشكّل استثناءً لكيفية التعامل مع المجلات الملونة وكتب الأطفال. ومن ناحية الوظيفة والتصميم والتسويق، يستهدف الجهاز مباشرةً النساء اللواتي يحببن القراءة.
الاختبار بلا توقف: لقد طال وجود «بارنز أند نوبل» في صدارة الشركات المتخصصة في بيع الكتب. وقد كانت في عداد أولى الشركات التي أدخلت الحسومات على الكتب الأكثر مبيعاً، ونشرت الكتب الخاصة بها، وقدّمت للمؤلفين خيارات النشر الذاتي، وأنشأت متاجر كبيرة، وافتتحت مقاهٍ داخل مؤسساتها. ونجحت الشركة مؤخراً ببيع الدمى والألعاب.
ولا شك أنه من المستحيل التأكد مما إذا كانت «بارنز أند نوبل» ستحقق نجاحاً في نهاية المطاف، لكن يبدو أنّ المستثمرين مستعدون للإيمان بهذا النجاح. وعليه، تمكّن سهم الشركة من الحفاظ على قيمته في الفترة الأخيرة. ولما كانت «بارنز أند نوبل» قادرة على التقدّم بشجاعة، ألا يُفترض بالشركات التي تتمتع بأعمال أساسية أفضل حالاً أن ترسم مستقبلها بالجدارة نفسها؟
(*) ستيف وونكر هو عضو منتدب في «نيو ماركتس أدفايزرز» (New Markets Advisors) ومؤلف كتاب «إدراك الأسواق الجديدة: كيف تخلق الشركات الذكية فرصاً لا تخلقها الشركات الأخرى» (Capturing New Markets: How Smart Companies Create Opportunities Others Don’t).