وانتهى حصاد الموسم الرياضي السعودي، بالتتويج الغالي من خادم الحرمين الشريفين للفائز بكأس الملك للأبطال. وابرز ما في الموسم الرياضي هو عودة الراقي إلى منصة البطولات.
تعجبني صفة الراقي لأنها تتميز وتختلف عن بقية الألقاب. الزعامة تأتي من كسب الألقاب الرياضية وقد تدوم أو تزول وفق استمرار الكسب. العمادة تأتي من التاريخ وكونك الأكبر عمراً، وهي منصب سيبقى شرفياً في غالب الحالات. العالمي تأتي من مشاركة في بطولة يوجد بها فرق أوربية حتى ولو لم تتجاوز تلك المشاركة مباراة واحدة أو اثنتين.
كلها ألقاب مكتسبة ومؤقتة، بينما الرقي صفة دائمة ميزت النادي الأهلي سواء فاز ببطولة أم لم يفز. منذ ديدي وسنتانا والصغير ودابو حتى وقتنا الحالي.
مساء الجمعة استمتعنا بالراقي يتجاوز الترشيحات ويتجاوز الظروف الفنية التي مالت لكفة صالح غريمه العميد، ليقدم لنا أملاً في الاستمتاع بالمسابقات الكروية المحلية. عاد الراقي لمنصات التتويج، ليقول لنا إن حلاوة التنافس ستعود للكرة السعودية، بعد أن احتكرت في السنوات الأخيرة. عاد ليقول لأولئك الطارئين في خريطة الكبار، بأن الكبار يبقون هم الكبار كما عرفهم تاريخ الكرة السعودية. فلتنتظروا مواسم رقي كروية قادمة بتنافس الأبطال في صعود منصات التتويج.
وبعد الاحتفاء الشخصي (دون تعصب) من مدرجات المشجعين، أهنئ القائمين على بطولات المملكة المحلية.
كثيرة هي انتقادات الرياضيين لكن العمل ليس سهلاً تحت ضغوط الصحافة والإعلام والجماهير. في المجال الرياضي الخطأ يحدث أمام الجميع، والكل يفتي ويحلل، حتى قيل إن هناك ملايين يرون أنفسهم يصلحون لتدريب المنتخب من خلال وجهات نظرهم في تفاصيل اللعب وأسلوب التدريب وغيرها. على الرغم من هذا الجهد وهذه الأعذار المنطقية للقائمين على أمور مسابقاتنا الكروية، أعتقد أنه بالإمكان تطوير آليات العمل بشكل أكثر احترافية بالاستفادة من عناصر ذات قدرات إدارية وتنظيمية متميزة ومحترفة والاستفادة من التقنيات الحديثة. ليس بالضرورة أن كل من لعب يصلح إدارياً رياضياً، وليس بالضرورة الاعتماد على قدامى الرياضيين في كل شؤوننا الرياضية. نحن نحتاج الى فكر إداري متميز وليس بالضرورة الى رياضي فني في الجوانب التنظيمية، وبلدنا مليء بالكفاءات المتميزة في هذا الشأن.
وبعد استحقاقات الكرة المحلية يأتي السؤال عن استحقاقات المنتخب القارية والعالمية. والمجتمع الرياضي في قلق وحيرة وتساؤل عما يجري بشأن منتخبنا. هل يعقل أن تمر الأشهر تلو الأشهر ومنتخبنا ليس لديه مدرب؟ هل يعقل أن يكون لنا استحقاق كروي خلال أيام وليس هناك قائد فني للمنتخب؟ هل نحن عاجزون بكل قنوات اتصالاتنا وبكل تعاملاتنا مع سماسرة الكرة في العالم وبكل علاقاتنا مع المنظمات العالمية الكروية ومع اتحادات الدول المختلفة أن نجد مدرباً مؤهلاً لتدريب منتخبنا؟ هل الأهلي والنصر والهلال والاتحاد وغيرهم من الأندية لديهم اتصالات وخبرات تفوق ما لدى اتحاد الكرة السعودي، حين نراهم يحضرون مدربين متميزين وكبار، بل ويغيرونهم أكثر من مرة في الموسم؟ هل نحن نغامر بسمعة ومستقبل الكرة السعودية على مستوى المنتخبات الوطنية؟ أم أننا ما زلنا عند قناعاتنا القديمة بأن المدرب مجرد موجه يجلس على دكة الاحتياط لتوجيه وتغيير اللاعبين أثناء المباراة وبالتالي لا بأس أن نحضره قبل المباراة بيومين أو ثلاثة؟
هي أسئلة من متابع قد لا يكون ملماً بالتفاصيل، لكن يهمه الاطمئنان أننا قادرون - بإذن الله - على استعادة وهج الكرة السعودية على المستوى الدولي، بعد أن خسرت كثيراً من ذلك الوهج خلال السنوات القليلة الماضية.
malkhazim@hotmail.com