بالعلم والمال يبني الناس مجدهم.. لم يبن مجد على جهل واقلال
يتجسد هذا البيت الشعري ماثلاً للعيان ونحن نتابع خطوات جامعة الملك سعود وهي تتجه صوب جعل العلم والبحث العلمي حقيقة مترجمة على أرض الواقع وتسهم بفعالية في إقامة وبناء اقتصاد المعرفة من خلال إنشاء شركة وادي الرياض للتنقية والدخول في شراكات دولية مع عدد من الشركات العالمية العملاقة والتي لو لم تلمس الجدية والفاعلية لدى شركة وادي الرياض لما وافقت على الدخول في تعاقد من نوع ما مع الجامعة أو الشركة.
ولعلنا تابعنا جميعاً وبنوع من الغبطة موضوع سيارة غزال أولى بواكير وفوائد تسخير البحث العلمي لخدمة المجتمع وليس المهم صناعة السيارة ولكن المهم أن هذه السيارة صممت من قبل سعوديين وبأفكار متصلة ببيئة المملكة وهو أمر لا يتوفر لأي سيارة أخرى وهنا سنجد الفارق وغير بعيد عنا الزمن الذي نرى فيه سيارة غزال وهي في شوارعنا فالعمل جار على قدم وساق لتصنيع الغزال وطرحها في الأسواق خلال سنوات قليلة قادمة.
هذه الجهود المباركة وغيرها تأتي ترجمة لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني وبجهد واع ومخلص من قبل معالي الدكتور عبد الله العثمان مدير جامعة الملك سعود وكوكبة من الكفاءات الوطنية المتميزة الذين يعملون بكل جد وإخلاص لخلق جسر دائم من التواصل بين الجامعة والمجتمع من خلال تحويل الأبحاث الجامعية إلى واقع ملموس والتي هي بطبيعتها أي الأبحاث تناقش كثيراً من مشكلات الواقع وتقدم لها الحلول.
ولعل آخر الخطوات الإيجابية والعظيمة في هذا الجانب هو تأسيس صندوق لدعم الأبحاث والاختراعات العلمية برأس مال 160 مليون ريال لخدمة الباحثين والمخترعين والصرف على هذه الأبحاث والاختراعات حتى يتمكن أصحابها من إخراجها إلى النور وهو الأمر الذي كان يشكو منه الباحثون وأصحاب الاختراعات من أنهم لا يجدون الجهة الداعمة والراعية لهذه الأبحاث وهذا يعني فيما يعنيه أن إدارة الجامعة ممثلة بالدكتور العثمان أدركت من خلال المتابعة والمعايشة أن هناك أفكارا وإبداعات واختراعات جدير بها أن ترى النور وأن تقدم لها كافة أوجه الدعم والرعاية.
وقبل هذا وذاك فإن أعظم إنجاز حققه الدكتور العثمان على صعيد الشراكة المجتمعية هو الوقف الجامعي الذي يأتي انطلاقاً من ديننا الإسلامي الحنيف الداعي إلى دعم العلم وطلابه وجعل الإنفاق في هذا الجانب من أنواع القربات ومن أعمال البر التي يرضاها الله لعباده ولكي تتسع دائرة الفهم أن كلمة لا تنصرف إلى العلوم الدينية وحدها لكن كل ما ينفع الناس ويفيدهم في حياتهم هو أيضاً علم يجب علينا تعلمه ودعمه ورعايته.
ولقد كانت استجابة الناس وتفاعلهم في دعم الوقف الجامعي رائعة وتعكس روح وطبيعة المجتمع السعودي المسلم المحب للخير والداعم له وهو أمر يدفعني هناك إلى وضع مقترح بين يدي معالي الدكتور خالد العنقري وزير التعليم العالي وهو استحداث جائزة سنوية تحمل اسم معاليه للأوقاف الجامعية يكرم بها كل من أسهم بفاعلية في الأوقاف الجامعية ويخلق روح المنافسة بين المبادرات الخيرة إحياءً لمآثر إسلامية عظيمة وهي الأوقاف التعليمية والأوقاف بشكل عام وتكون هذه الجائزة وقفة سنوية نقيم ونراجع من خلالها ما تحقق خلال عام في هذا المجال.
وأوجه الدعوة أيضاً إلى كل أبناء الوطن وبالذات المقتدرين منهم إلى دعم الأوقاف الجامعية لما لها من انعكاس على مستقبل أبنائنا والأجيال اللاحقة لأن ما نبنيه اليوم سيأتي ثماره لأجيال ولاشك أن رهاننا على خيرية أبناء هذا الوطن رهان في محله وهذه تباشيره قد أهلت وأتت ثمارها.