روى ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قوله: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ»، فالفراغ نعمة تنقلب إلى نقمة إذا لم تكن في طاعة الله ومرضاته.. لهذا قال الشاعر محذراً من سَورة الشباب مع الفراغ والابتداع:
الشباب والفراغ والجدة
مفسدة للمرء أيّ مفسدة
واشتهر في التراث العربي مثلٌ يحذر من انصرام الوقت في فراغ بلا نفع على الإنسان ومجتمعه: «الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك».
اختلف فراغ الشباب قبل السبعينيات من القرن الهجري الماضي عن واقعنا الحالي الذي يتميّز بيسر الحياة وسهولتها وتوافر وسائلها المادية من مواصلات واتصالات وكثرة أماكن الترفيه والترويح وبرامج الأسفار والسياحة.
كانت حياة الشباب في السابق مليئة بالفراغ على مدار العام دون ارتباط بعطل صيفية أو ربيعية أو أعياد.. نتيجة لعدم وجود تعليم بمنهج دراسي أو برامج تربوية. لهذا كان الفراغ سائداً على مدار السنة، ويشمل كل الشباب والصغار الذين يقضون وقت فراغهم في اللَّعِب والترفيه الذي كانت من وسائله الأدوات التالية:
الدنَّانة، الطجنة، الصقلة، الكعابة، عظيم ساري، الطابة (الكرة)، السباق، السباحة في الأودية والآبار، واصطياد الطيور الموسمية والمهاجرة بوسائل بدائية بما يسمى (النباطة، المفقاس، المشرع)، وكثيراً ما كان يحدث عند هذه اللقاءات خلافات وعراك يترك أثراً على الأجسام من الجروح والكدمات.
أما في عصرنا الحاضر بكل ما فيه من وسائل الترفيه وبرامج التدريب فإن الأكثرية من الشباب لا تستهويهم هذه المنجزات، وقد جاءت ظاهرة الاستراحات التي استهوت عدداً غير قليل من الشباب وما أفرزه بعضها من السلبيات من تسلية مهلكة إلى جانب السهر ليلاً والاستغراق نوماً في النهار، ولا ننسى أن هناك نخباً لها مسار محمود في اقتناص فوائد هذه الإجازات، ولا شك أن للإعلام والأجهزة التربوية دور مهم في التوعية والحث على تنمية المواهب.. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.