|
تقرير - خالد العيادة - تصوير - حسين الدوسري :
سدد شباب سعوديون طعنة نجلاء للمنشآت المتهربة من السعودة بحجة أنهم يتسربون من العمل ولا يتجاوبون مع متطلباته مثل العمالة غير السعودية، وكشفت جولة قامت بها «الجزيرة» على العديد من المحلات التجارية التي يملكها أو يعمل بها شباب سعوديون أن الشباب الذين يعملون في هذه المواقع يمثلون نموذجاً حياً لمثابرة الشباب السعوديين وتحملهم ضغوط العمل الأمر الذي يدحض ادعاءات العديد من الشركات والمؤسسات التي تبرر تركيزها على العمالة غير السعودية بأن الأيدي العاملة الوطنية لا تتفانى للعمل كغيرها. «الجزيرة» وكخطوة منها تستهدف عكس واقع العمالة الوطنية ومدى مثابرتها وتفانيها للعمل تزامنا مع برنامج نطاقات الذي أطلقته وزارة العمل مؤخراً لإحكام السيطرة على المنشآت المتهربة من السعودة وتوطين الوظائف رأت أهمية إجراء جولة للوقوف على تجارب بعض الشباب السعودي مع العمل.
مشروع ناجح يصطدم بغياب رأس المال
التقينا في بداية الجولة بشاب سعودي «إبراهيم السند» يعمل بأحد محلات الوجبات السريعة بالرياض حيث روى قصته قائلاً: أعمل في هذا المحل منذ ستة أشهر وطبيعة عملي أنني أقدم وجبات الإفطار والغداء والقهوة للزبائن.. وبسؤاله عن الراتب وساعات العمل أجاب: أعمل ثماني ساعات وراتبي 1500 ريال رغم ضغط العمل خصوصاً في نهاية الأسبوع حيث يكون المحل مزدحم بالزبائن لدرجة أننا نعجز عن تغطية طلبات العملاء.. وعن نظرة المواطنين والمقيمين لهم أجاب السند: إن الزبائن مرتاحون لنا، كوننا سعوديين ويرحبون بنا وهذا ما يشجعنا ويخفف عنا ضغط العمل.
وبسؤاله عن تفكيره في فتح محل خاص به أجاب: أتمنى ذلك حيث إنني كسبت خبرة في هذا المجال الذي يدر ربحاً جيداً؛ وأردفناه بسؤال: إذاً ما المانع في فتح محل خاص بك؟ فرد قائلاً: العقبة في رأس المال والذي إن توفر لي فلن أتأخر لحظة في افتتاح محل خاص بي. وأضاف: سمعنا أن صندوق الموارد البشرية يمنح الشاب السعودي الذي يعمل 3000 ريال وهو بالنسبة لي مجرد سمع ولكنني لم أر ذلك على أرض الواقع فنحن شباب سعوديين نعمل لكسب لقمة عيش شريفة، فلولا الحاجة لما عملنا بهذه المهن ذات الدخل المتواضع. ومن خلال تجربتي لمست أن الشباب السعوديين يحبون العمل ويعتمدون على أنفسهم وليس كما يدعي البعض أن السعودي لا يحب العمل.
تمسك بالخيار المتاح
وخلال الجولة التقت «الجزيرة» بعدد من الشباب السعوديين الذين يعملون عمال لنقل البضائع وترتيبها وتحميلها بإحدى الشركات بشمال الرياض والتي تبيع مستلزمات البناء والأثاث، حيث يقول الشاب فهد العبدالله: ظللت أعمل في الشركة منذ سنة ونصف في مجال نقل الأثاث وترتيب البضائع وعدد ساعات العمل 48 ساعة أسبوعياً أي ثماني ساعات يومياً براتب لا يتجاوز 2300 ريال شهرياً. وأضاف: أنا متيقن بأن الراتب لا يكفيني فالمصاريف كثيرة والأسعار مرتفعة ولكن هذا الخيار هو المتاح أمامي. وبسؤاله عن كيفية تعامل المواطنين والمقيمين معهم قال: نواجه تعاملاً جيداً خصوصاً من السعوديين الذين يحضرون إلى الشركة ويتعاملون معنا بلطف واحترام ويقدروننا وكذلك المقيمين. وعن أهم مطالبه قال: نريد تحسين رواتبنا وإعفاءنا من دوام الخميس حيث إننا أصحاب أسر ودوام الخميس يفقدنا الترابط الاجتماعي مع أسرنا وأقاربنا. ويضيف الشاب سعيد المالكي «عامل في نفس الشركة»: أعمل منذ عام وراتبي 2300 ريال ومرتاح في عملي وعن طبيعة العمل قال: أقوم بتصنيف البضائع في الرفوف وحمل الكراتين من المستودع إلى أماكنها المتخصصة وأسجل الأصناف وأضع الأرقام على الرفوف لمعرفة أماكن البضائع وهذا جهد كبير ومتعب في نفس الوقت، ولكن هذا هو عملي وأتمنى أن يتحسن راتبي . ويردف محمد هملان سحاري «يعمل في نفس الشركة أيضاً» قائلاً: أعمل منذ 5 سنوات مسؤول قسم في الشركة وراتبي مع البدلات لا يتجاوز الـ4 آلاف ريال والأساسي 3100 وعملي 8 ساعات يومياً وأضاف: يوجد معنا في الشركة 10 سعوديين وأكثر من 70 عاملاً غير سعودي. وقال سحاري إن الشركة تخصم منا تأمينات حوالي 340 ريالاً شهرياً ولا يصفى من الراتب إلا 3660 ريالاً وهذا لا يكفي لأني صاحب عائلة ومصاريف الحياة كثيرة ولا يكفيني هذا المبلغ أنا وأسرتي. وبسؤاله هل تستفيد من دعم صندوق الموارد البشرية قال: نسمع بأن الصندوق يدعم العامل السعودي بـ3000 ريال ولكننا لم يصلنا منها شيء. وفي جولة لـ(الجزيرة) على أحد المستوصفات بالرياض التقينا بالشابة السعودية «منى زامل» حيث قالت: أعمل موظفة استقبال بالمستوصف منذ 3 شهور وراتبي 2000 ريال وأحمل مؤهل ثانوية عامة وتوجهت للعمل لأعول أسرتي وأضافت: أعمل لمدة 10 ساعات يومياً وهو عمل مرهق لكن لا حيلة لي غيره، وأرى أنه عمل شريف وأشعر بالانتماء إليه. وبسؤالها عن وجود موظفين وموظفات سعوديات غيرها قالت: أا السعودية الوحيدة في المستوصف وحول أهم مطالبها قالت: أتمنى زيادة الراتب وتحسن الوضع.
30 سنة من العمل المتواصل
وفي جولة أخرى على ورش السيارات في حي المصيف بالرياض التقت «الجزيرة» بشاب سعودي اسمه عبدالمجيد؛ وروى قصته مع بيئة العمل قائلاً: أعمل ميكانيكي سيارات في هذه الورشة منذ 30 عاماً وكان عمري حينها 14 عاماً ونملك الورشة أنا وأخي جعفر. وبسؤاله هل تجدون تشجيعاً من المواطنين والمقيمين أجاب: بالتأكيد نجد التشجيع خصوصاً من السعوديين وأضاف: أقوم بإصلاح ما بين 4-5 سيارات خلال اليوم وما ساعدني في ذلك تمكني في مهنة الميكانيكا بفضل الخبرة الطويلة. وبسؤاله عن إيرادات الورشة قال: الحمد لله العمل مربح ومفيد جداً. ثم التقينا بشقيقه جعفر حيث قال: أنا مهندس ميكانيكي وأعمل باللحام والكهرباء وبكل المجالات المهنية ولي بالورشة حوالي 20 سنة، وأضاف: لنا زبائن كثيرون في الحي على اعتبار أن ورشتنا قديمة وعملنا مميز، فالورشة تفتح أبوابها في الثامنة صباحاً وتغلقه عند الحادية عشرة ليلاً.. وحول معوقات العمل قال جعفر: البلدية أقامت رصيفاً أقفل جزءاً كبيراً من مدخل الورشة حيث نجد صعوبة كبيرة في إدخال السيارات وكذلك إخراجها داعياً البلدية لأزالته لأنه كما يرى لا يخدم المارة بالعكس يسبب مضايقات لهم.
الاستفادة من تجارب الآخرين
وتوقفنا خلال الجولة عند محل منسق بألوان زاهية وديكورات جميلة بحي الغدير واكتشفنا أن صاحب المحل شاب سعودي «سلطان الباهلي» حيث روى لنا قصته قائلاً: فكرة المحل نبعت من تجربة أحد أقاربي الذي يفتح محلاً بالدمام فاستحسنت الفكرة وبدأت أعمل على تنفيذها فاخترت الموقع وبدأت بعمل ديكور للمحل وأنهيت إجراءات الترخيص وأضاف: المعمل كلفني 160 ألف ريال والسوق ممتاز والإيرادات ممتازة أيضاً ولله الحمد وبسؤاله عن أماكن استجلاب البضاعة قال: بضاعتنا أغلبها صناعة سعودية بنسبة 60% و40% صناعة أجنبية (مستورد) وقال الباهلي بعد نجاح التجربة أفكر الآن في فتح فروع أخرى داخل وخارج الرياض وعن العقبات التي تواجهه قال: من أهمها غلاء أيجار المحل حيث يبلغ الأيجار50 ألف ريال سنوياً وهذا مبلغ كبير وعن نصيحته للشباب السعودي قال: أنصحهم بالعمل في أي مجال لأنه يجب على الشاب أن يعتمد على الله ثم على نفسه وقد تواجهه عقبات في البداية ولكن في النهاية سيجني ثمار تعبه ومعاناته وأضاف: أتمنى من المواطنين تشجيع ابن البلد لأنه هو الذي باقي في النهاية.