فجعنا مساء يوم الخميس الموافق للثالث والعشرين من شهر جمادى الثانية لعام ألف وأربعمائة واثنين وثلاثين من الهجرة باستشهاد زميلنا الرقيب أول/ مونس بن عقيل السالمي الحربي. برصاصةٍ غادرة آثمة أثناء تأديته لعمله الأمني في ميدان الشرف في مدينة بريدة.. فنسأل الله تعالى له المغفرة والرحمة، وأن يتقبله شهيداً عنده، وأن يلهم ذويه الصبر والسلوان..
عرفته - رحمه الله - إبان عملي بمدينة بريدة خمس سنين، فكان مثالاً للخلق الرفيع، والابتسامة الدائمة، والخلق البشوش، والديانة الصادقة، والمحافظة على الفرائض والنوافل؛ فكان وجهه مشعاً بنور الإيمان، قد تجاوز الخمسين من عمره، وأُحيل للتقاعد بقوة النظام، لكن تم التعاقد معه لحرصه على العمل وإخلاصه فيه، فهو من الكفاءات المتميزة، التي جمعت الخبرة العملية، والثقة بما يحرر ويكتب، والحكمة في التصرف.. أسأل الله تعالى له المغفرة والتجاوز..
ولولا إيماننا بقضاء الله وقدره لصعُب علينا المصاب، ولكنها مشيئة الله تعالى التي نؤمن بها، وندرك معها أن الموت هو نهاية كل كائن حي في الدنيا، فصبرنا واحتسبنا حزناً على فقده.
أكتب هذه الكلمات وأنا أستحضر البشارة النبوية العظيمة التي أرجو الله الكريم أن يهبها لزميلنا المغفور له/ مونس الحربي- رحمه الله - ذلكم ما رواه البخاري عن أبي الأسود قال: قدمت المدينة وقد وقع بها مرض، فجلست إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فمرت بهم جنازة فأثنى على صاحبها خيراً، فقال عمر: وجبت، ثم مر بأخرى فأثنى على صاحبها خيراً، فقال عمر: وجبت، ثم مر بالثالثة فأثنى على صاحبها شراً، فقال وجبت، فقال أبو الأسود: فقلت: وما وجبت يا أمير المؤمنين؟ قال: قلت: كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أيما مسلم شهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة) فقلنا: وثلاثة؟ قال: (وثلاثة) فقلنا: واثنان؟ قال: (واثنان) ثم لم نسأله عن الواحد.
قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - وهذا الحديث على عمومه، وأن من مات من المسلمين فألهم الله تعالى الناس الثناء عليه بخير كان دليلاً على أنه من أهل الجنة، سواء كانت أفعاله تقتضي ذلك أم لا، فإن الأعمال داخلة تحت المشيئة، وهذا إلهام يستدل به على تعيينها، وبهذا تظهر فائدة الثناء، ويؤيده ما رواه أحمد وابن حبان والحاكم من طريق حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس مرفوعاً: (ما من مسلم يموت فيشهد له أربعة من جيرانه الأدنين أنهم لا يعلمون منه إلا خيراً إلا قال الله تعالى: قد قبلت قولكم، وغفرت له ما لا تعلمون). أسأل الله عز وجل أن يغفر له، وأن يوسع له في قبره، وأن يبدله داراً خيراً من داره، وأن يجازيه بالحسنات إحساناً، وبالسيئات عفواً وغفراناً، وأن يلهمنا الصبر والسلوان، فـ(إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ).
نقيب/ محمد بن عبد العزيز المحمود
نائب الناطق الإعلامي بشرطة منطقة القصيم