فُجع الوسط الأدبي في بلادنا والبلدان العربية بفقد عميد النقد وشيخ النقاد عبد الله بن أحمد العبد الجبار، الذي غيبه الموت في مسقط رأسه مكة المكرمة في اليوم الثالث من الشهر السادس، سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة وألف من الهجرة، عن عمر يناهز الأربع والتسعين عاماً، وأديت صلاة الجنازة على روحه الطاهرة في المسجد الحرام، وثوت مقابر المعلاة جسده الطاهر، وتوافد المعزون في موكب مهيب لأداء واجب العزاء لرائد من رواد النهضة التعليمية والأدبية في بلادنا، ففقدنا بموته أحد الرموز الثقافية الذين أثروا الساحة الأدبية بعطائهم الأدبي الرفيع الذي تخطى حدود الوطن.هذا، ومن الصعب عبر هذه السطور تقصي مشوار حياته العلمية التي بدأها منذ سبعة عقود، حيث درس الابتدائية، والإعدادية، والثانوية بمسقط رأسه، وابتعث في البعثة السعودية الثانية إلى مصر، والتحق بكلية العلوم في جامعة فؤاد الأول، وتخرج فيها متخصصاً في علوم اللغة العربية وآدابها.. إلى أن عاد من مصر إلى بلاده والتحق في سلك التدريس في معهد تحضير البعثات، ومن ثم المعهد العلمي، وعاد إلى مصر مديراً عاماً للبعثات العلمية السعودية في القاهرة.كما ساهم في تأسيس الأكاديمية السعودية في لندن، وعمل استاذاً بمعهد الدراسات العربية والعالمية في جامعة الدول العربية، ونائباً لرئيس رابطة الأدب الحديث في القاهرة، ومستشاراً لجامعة الملك عبد العزيز بجدة. ويعد العبد الجبار من جيل الأدباء الكبار الذين أثروا الساحة الأدبية في بلادنا والبلدان العربية، ورائداً من رواد الكلمة التي أثرت وسائل إعلامنا، وبرع في تأليف التمثيليات الإذاعية التي وجدت صدى واسعاً في إذاعتنا المسموعة، وفي إلقاء المحاضرات، وعقد الحوارات، وحضور المؤتمرات في كثير من المنتديات الثقافية، ومن الذين أحدثوا حراكاً في مجال النقد الأدبي الذي حمل لواءه في جيله والأجيال اللاحقة، وتتلمذ عليه أجيال من كبار رجال الدولة في مختلف مراحل حياته التعليمية من الوزراء، والسفراء، والأدباء وغيرهم من الذين ما زالوا يعملون في الدولة، وعمل في مجال البحث والتأليف في النقد، والقصة، والمسرح، فقد ألف كتاب الغزو الفكري في العالم العربي، والتيارات الأدبية في قلب الجزيرة العربية، ومرصاد المرصاد، وقصة الأدب في الحجاز في العصر الجاهلي، وأمي والعم سحتون، ومسرحية الشياطين الخرس، وساعي البريد.. هذا ويعد منزله في القاهرة وجهة الداني والقصي من الأدباء الذين يحرصون على الالتقاء به والاستفادة من مخزون وعائه الفكري والأدبي الذي ما زال حياً لأجيال وأجيال.كما حصل على العديد من الدروع والأوسمة التكريمية التي من أكثرها أهمية وبقاء تكريم الدولة في مهرجان الجنادرية، وحصوله على وسام الملك عبد العزيز. رحم الله فقيدنا العبد الجبار وأسكنه فسيح جناته.
إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعون .
أحمد المنصور - بريدة - نادي القصيم الأدبي