يقرأ القراء الأكارم مقالي هذا وأنا في بيروت، حيث أتواجد لتوقيع عقد إصدار كتاب رياضي للعبد الفقير إلى الله.. فيه توثيق لتاريخ يكاد يغيّب عمداً.. فيه نبذة عن نشأة الرياضة وفضل الإغريق في منهجيتها.. ووضع برامج تربوية لها.. ثم هناك أبواب عن الشأن الداخلي وتجاوزات من مسئولي أندية.. وفيه من (الوقائع) الموثقة ما يقف له شعر الرأس.. كما فيه من الطرائف الشيء الكثير.. وهي المرة الأولى لي في تجربة التأليف الرياضي. بينما في التأليف التربوي لي كتابان متواضعان أحدهما كتب إهداءه الراحل الكبير صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد بن عبد العزيز - رحمه الله وغفر له - والكتاب الآخر (الآثار السلبية لإلحاق الطلاب بالتعليم العام قبل سن السابعة).
هذا ولعل الكثيرين يظنون أن زمن الكتب قد ولَّى ومضى.. ولكن سوف يذهل الجميع من حركة الكتب الصاخبة هنا في بيروت.. ودورها المشهورة.. فقد فوجئت أن هناك دور نشر كبرى أجندتها محجوزة بالكامل إلى نهاية عام 2015م.. والكتب الرائجة هنا سياسية وعقائدية وفكرية.. بينما أنا فقد أتيت لهم بكتاب رياضي.. وبعد اطلاع عدد من دور النشر على مسودات الكتاب أصبح ولله الحمد هناك أكثر من عرض ممتاز لطبع الكتاب وتوزيعه.
من القصص الطريفة التي وردت في الكتاب.. فقد اجتمع قوم من أهل مدينة جدة وقرروا دعم نادي الربيع بما أنه كان الهلال البحري العريق.. وله محبون كثر ومتابعون.. وقد تم الاتصال بشخصيات أهلاوية واتحادية لدعم الربيع ومنها تكوين إدارة أهلاوية اتحادية لانتشال هذا النادي العريق.. فتم اختياري والأخ محمد الشريف كأهلاويين لدخول مجلس الإنقاذ الإداري.. والأستاذ غازي رمزي وعبدالحميد رجب.. والتربوي الكبير الأستاذ محمد حامد خلاف - رحمه الله - كاتحاديين.. بينما يرأس النادي الأستاذ أحمد الحربي وهو ربيعي أي أنه ليس له انتماء اتحادي أو أهلاوي.. وكنت حينئذ أصغر الأعضاء خبرةً وعمرا.
عمل المجلس بجد ومثابرة.. وفعلاً صار هناك نقلة كبيرة في جميع شؤون النادي.. وقد حضر حينها الأستاذ عبد الرزاق معاذ للتو من بعثته في الولايات المتحدة وقد كوّن فريقاً لا يجارى في كرة اليد.. والعبد الفقير إلى الله إداري لذلك الفريق.. وليس لي فضل على الإطلاق في تكوين الفريق إنما الفضل لله ثم لعبد الرزاق معاذ.
هذا وفي تلك الحقبة أقيم الدوري التصنيفي لكرة اليد بالطائف.. وتم إسكان جميع الوفود في فندق درجة ثانية لعدم توفر البديل.. ومضت الدورة على خير ما يرام حتى يوم مباراة فريقي الربيع والأهلي.. وفوجئت بزيارة إداري فريق النصر.. صباح يوم المباراة قال لي: إنه علم أن (كرنيهات) لاعبي الأهلي قد ضاعت.. وحيث كان النظام يحتم وجود الكرنيهات في المباراة أو يعتبر الفريق خاسراً للقاء.. وإما أن يوافق الفريق المقابل على إقامة المباراة دون كرنيهات، وطلب مني العضو النصراوي عدم القبول باللعب مع الأهلي إلا بوجود الكرنيهات وبالتالي هزيمة الأهلي وخسارته لعل فريق النصر يحل بدلاً عنه في الدوري الممتاز.
وفي تمام الساعة الثالثة عصرا تلقيت مكالمة من إداري نصراوي عرف نفس أنه سكرتير في نادي النصر.. يحضني على رفض اللعب مع الأهلي فقلت له: حاضر وأبشر بسعدك.
فلم يكن يعلم أني أهلاوي.. ولم يكن يعلم أن إداري الأهلي الأستاذ مرعي الدماك قريب لي.. ومن نفس منطقتي في عسير.. واتصلت على مرعي وقال: إن البطاقات سرقت من غرفته بالفندق، حيث كان لها باب جانبي فتح وتمت السرقة.. قلت له ولا يهمك فلن نعترض على عدم وجود الكرنيهات بطبيعة الحال.
في تمام الساعة الرابعة كان موعد لقائنا بسكرتير اتحاد كرة اليد آنذاك الأستاذ عبد الرحمن رمضان - شفاه الله - وممثلي الأندية في قاعة الفندق.. وعرض الأمر.. وكان الكل ينتظر كلمتي وقد أسهبت عن العلاقة الربيعية بالأهلي فقاطعني الأستاذ الرمضان قائلاً : ما نريد عواطف و(فلسفة).. نريد منك أن تقول لنا موافق تلعب مع الأهلي أم غير موافق.
نظرت للعضو النصراوي وقد ازرق لونه انتظاراً لما سوف أقول.. وقلت: أوافق على اللعب مع الأهلي دون كرنيهات.. ووقعت على المحضر.
مثل هذه القصص الطريفة.. وغيرها الكثير والكثير.. وهناك من القصص الموثّقة ما سوف يبهر الوسط الرياضي برمته.. وإلى أن تنتهي طباعته.. ويدخل المملكة.. فلكل حادث حديث.. علماً بأن الكتاب سيوزع في كل العواصم العربية والأوربية وكندا والولايات المتحدة.. أسأل الله التوفيق والسداد.
نبضات!
- من مصلحة الاتحاد.. أن يترأسه رجل الأعمال أحمد محتسب.. فسيكون إضافة قوية لتأسيس فكر استثماري جديد وفعَّال.. ليكون طرفاً موازياً للعقلية الاستثمارية في نادي الهلال سمو الأمير عبد الله بن مساعد.. فهذان الناديان هما ترمومتر الرياضة السعودية!
- من سيكسب التأهل من الأهلي أو الشباب فهو الفائز ببطولة كأس خادم الحرمين الشريفين.. هكذا يقول إحساسي.. والله أعلم!
انتهت المساحة.. نلقاكم بإذن الله.