لفت انتباهي في خطاب الرئيس أوباما حول سياسات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الذي ألقاه في 9 مايو 2011م قوله «هناك دول نعمت بثروة النفط والغاز وهذا بحد ذاته أوجد جيوبا من الترف والرخاء. لكنه، في اقتصاد عالمي قائم على المعرفة، قائم على الابتكار، لا يمكن لإستراتيجية تنموية أن تقوم على ما يُستخرج من الأرض فقط، مبينا في فقرة أخرى من خطابه أنه «وإذا ما استبعدنا صادرات البترول، فسنجد أن المنطقة كلها التي تضم أكثر من 400 مليون نسمة تصدر ما يقرب من الكمية التي تصدرها سويسرا»، وقوله «إن مواهب أبناء شعوب منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي من أكبر الموارد التي لم تستغل في هذه المنطقة» وأن «تلك الطاقة تحتاج الآن إلى أن يتم توجيهها، في بلد تلو الآخر، بحيث يمكن للنمو الاقتصادي أن يجسد ويقوي إنجازات الشارع» ، مبينا أنه «يجب علينا أيضا مواصلة جهودنا لتوسيع نطاق مشاركتنا خارج دوائر النخب، بحيث نصل إلى الناس الذين سيشكلون المستقبل، ولاسيما الشباب، وسوف نواصل القيام بالأعمال الجيدة انطلاقا من الالتزامات التي أبديتها في القاهرة لبناء شبكات من رجال الأعمال الرواد».
ولقد أعجبني قول أحد المعارضين للنظام الليبي على إحدى الفضائيات أن ثروة الشعب الليبي الحقيقية التي نريد لها أن تنطلق وأن تستثمر بعد التحرر من قبضة القذافي هي الشعب الليبي والموقع الجغرافي وأن هذا يكفي لليبيا غنية يتمتع شعبها بأفضل مستويات الحياة، وأن الثروة النفطية ما هي إلا ثروة مكملة لهذه الثروات، وأقول نعم إن 2000 كم متر طولي من الشواطئ التي تقع على البحر الأبيض المتوسط ثروة هائلة لو أتيحت الفرصة للشعب الليبي أن يستثمرها.
في بلادنا أعطت حكومة خادم الحرمين الشريفين الاستثمار في الموارد البشرية أولوية قصوى كما أعطت متطلبات إطلاق طاقاتها نفس الدرجة من الاهتمام لاستكمال دورة التأهيل والتوظيف والاستثمار الإنتاجي، وأنفقت لذلك المليارات، حيث كانت حصة التعليم 150 مليارا من أكبر موازنة في تاريخ المملكة العربية السعودية والتي بلغت 580 مليارا أي 26% من دخل المملكة مقارنة مع 15.7 متوسط الإنفاق الحكومي العالمي على التعليم، والإنفاق على التعليم يعتبر أحد أهم المؤشرات على صحة مسار التنمية المستدامة في العالم.
كما الحكومة زادت حجم الإنفاق العام على مجالات العلوم والتقنية والابتكار لتصل لـ 16 مليار ريال لجعل القدرات العلمية والتقنية في المملكة تقارب ما لدى الدول الصناعية المتقدمة ابتكاراً وتوظيفاً، و عززت فرص توظيف الشباب السعودي لقدراتهم وطاقاتهم بدعم بنك التسليف والادخار وكان القرار الملكي تضمن زيادة رأس مال البنك السعودي للتسليف والادخار بمبلغ وقدره 30 مليار ريال للتوسع في إقراض المواطنين الراغبين بالاستثمار بالمشاريع الصغيرة والناشئة، إضافة لمشروع كفالة الذي تكفل به الحكومة المنشآت الصغيرة والمتوسطة الوطنية الراغبة بالاقتراض للتوسع .
ختاما أود أن أؤكد أن منطقة الشرق الأوسط ماضية في إطار مشروع دولي لاستثمار كامل إمكاناتها وقدراتها والتي تشكل الموارد البشرية رجالاً ونساءً أهمها، وأن بلادنا تتحرك بهذا الاتجاه كما يبدو لي بهدوء وبذكاء، وعلى المواطنين خصوصا الشباب أن يكونوا على قدر هذا التغيير لاستثمار الفرصة والنهوض بمستوى معيشتهم وباقتصاد بلادنا بالمحصلة وأن يدركوا أنهم هم الثروة الحقيقية، وأن النضوب مستقبل إنتاج الحقول وأن النمو مستقبل إنتاج العقول في عالم مفتوح تلعب التنافسية فيه العامل الأهم في التقدم والنمو.
alakil@hotmail.com