وقف وحيداً إلا من آهاته، وحطام أثقل أيامه على رمال الشاطئ، قذف بنظراته إلى صفحة المياه يبحث عن ملاذ يدفن عنده أحزانه.
تلألأت المياه تتحدى حمرة المغيب، فسحب الشفق ضياؤه الخافت ليملأ المكان، عندها سقط قرص الشمس إلى الماء وعينيه تتابع بكل لهفة، وتسأل أين تذهب الشمس ؟
رؤى حالمة وأمنيات تطير في المخيلة تتسابق إلى خاطره.
بعد لحظة رحل الشفق مودعاً يجرّ ثوبه الأحمر، شعر بالإرهاق..! ومازال معلق نظره في الماء حتى يبتلع الماء ضوء الشفق.
سرت نسمات الهواء العليل تُلاعب جسده فشعر بالانتعاش، ملأ صدره منه فسرت قشعريرة دافئة عبقت يدفئها أحشائه، لعب الهواء بثيابه حتى زاد تدفق البرد، فارتعد.
نهض الحنين من داخله ليطفو على مخيلته ويجتر الآلام؛ تذكر أسفاره من قدر إلى قدر، وغربة الأيام تقذف به في وحل الذكريات لتؤرقه.
عادت به آلامه تشده حيث عبق الزهر وصدق الحب، ورائحة الطين والشجر، وتلك الممزوجة بالسمر، مع الأهل والانتماء للوطن.
طموحاتي قطفتها وزينتها على الورق، لكن آمالي وأهدافي طارت مع السفر.
أين أنتِ يا من شذاك عطر قلبي في الصبا، أين أنتَ يا من شددت بعضدي فانتصب، وركبت الصعاب وتصبب منك العرق، قدمت لي ثمار جهدك بكل رحابة وتعب.
لم أجد عذراً سوى طموحاتي وآمالي آه، هيهات إني أغترب.
طفق الماء فجاءته موجة صاخبة ضربت به ورمته بعيداً عن الشاطئ وتناثرت أحلامه فركض، ألتفت إلى الشاطئ معاتباً وتبعثرت كلماته في وجل وتسأل لماذا يا شط تبتعد ؟
أراغب أنت عني، فاغترب، ألا تصفح وتفرش لي حنيناً فقدته مع أحبابي طال عليهم الأمد.
شق طول الانتظار فمضى العمر ولم يبقى لي منهما غير ذكرى وألم.
تنحى الشاطئ وسحب الماء وتوغل في جزر، استحى من دموعي التي فاضت بمدها والجزر.