ودع الألمعيون رجلاً من خيرة رجالاتهم، وعلماً من أعلامهم، إنه الشيخ عبد الله بن أحمد العرافي، عمدة (مركز الحبيل) سنوات طويلة، صاحب المبادرات الخيرة في إصلاح ذات البين، والمتابعة للجمعيات لتحفيظ القرآن الكريم.. عرف عنه حسن الخلق والأدب الراقي، وحسن التعامل مع الآخرين.
كنت في زيارة له قبل وفاته بأسبوع، وصلى بنا في مسجده القريب من بيته، وتعجبت من حسن تلاوته، وخشوعه في صلاته، فقلت في نفسي: كأنها صلاة مودع.
وقد أراد أن يعرفنا بملحقات المسجد، ومنها: المكان المعد لتحفيظ القرآن الكريم، وما ينوي من إتمامه وتوسعته.
كان مهتماً بأوضاع المواطنين، يراجع الدوائر الحكومية لإيصال الخدمات إليهم، وكان شديد الحرص على أن يقام مستشفى في (مدينة الحبيل) بمحافظة رجال ألمع الجنوبية الغربية، لتوسطها بين مجموعة من القرى والقبائل التي يسكنها آلاف المواطنين.
وقد اصطحبني في سيارته ليطلعني على أرض مناسبة ملحقة بمستوصف الحبيل الحالي تقدر مساحتها بخمسة آلاف متر مربع، وطلب مني أن أشفع لهم عند المسؤولين لإقامة ذلك المستشفى المقترح.
أقول: كان -رحمه الله- إلى آخر لحظة من حياته وهو يفكر في خدمة وطنه ومواطنيه.
وكان كثير الدعاء لولاة أمرنا مخلصاً لهم ناشراً لمحاسنهم، شديد الحرص على جمع الكلمة ووحدة الصف، وعدم الإصغاء لدعاة السوء والفرقة.. كان رجلاً صالحاً في دينه، أميناً على ما استحفظ عليه من أموال وأسرار.
عمل موظفاً في إمارة جيزان، وكان عضواً في مجلس إصلاح ذات البين بمحكمة رجال ألمع، ولديه مشاهد من بعض الجهات الحكومية بحسن سيرته وتعاونه معهم فيما يخدم المصلحة العامة.
وهكذا تخترم المنايا آمال وأحلام الناس في حياتهم الدنيا، لأن الآجال محددة، ولا يبقى للإنسان إلا ما قدم من عمل الخير وفعل المعروف والذكر الجميل.
وفقيدنا الغالي خلف أولاداً بنين وبنات نحسبهم من الصالحين - ولا نزكي على الله أحداً - فهم يدعون لوالدهم بالمغفرة والرضوان، ويسيرون - إن شاء الله - على نهجه في عمل الخير وفعل المعروف.
رحمك الله أبا علي، وجمعنا بك في مستقر رحمته..
(إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ).
د. زاهر بن عواض الألمعي