|
جدة- صلاح الشريف
لماذا نغضب ولماذا لا يكون الحلم سيد الأخلاق عندما نواجه موقفاً يجعلنا لا نتحكم في أنفسنا ونحن ننعم بنعمة الإسلام الذي حثنا على الحلم وكظم الغيظ في الوقت الذي يحتاج منا إلى ذلك لأن هذه اللحظة التي تصل بالإنسان لأن يخرج عن إطاره بتصرف ربما يندم عليه طول عمره هي اللحظة التي تبين قوة الشخص الداخلية التي تجعله يتحكم في نفسه، والغضب يحتاج إلى ضبط النفس مع إيمان قوي بالله ويمتدح الرسول صلى الله عليه سلم هذا السلوك في حديثه: (ليس الشديد بالصرعة وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب).
وفيما يلي نلقي الضوء على أهمية الحلم خلال لحظة غضب.
ماذا تفعل؟!
عبدالله عبدالموجود تحدث عن سلبيات لحظات ومواقف الغضب فقال: البعض لا يتحكم في نفسه خلال هذه اللحظة العصيبة وربما يرتكب عملا يندم عليه وتكون ردة فعله عنيفة للشخص المقابل، وهناك آخرون يتحكمون في أنفسهم خلال هذه اللحظة، وبالنسبة لي إذا تعرضت لهذا الموقف واحتد النقاش سواء في البيت مع أحد أفراد الأسرة أو في الخارج فمن طبعي أن ألتزم الصمت وأترك المكان وأذهب أمشي إلى أين لا أدري فقط أمشي حتى أهدأ ويخف ما بداخلي من ضغط نفسي وأستغرب المسافة التي أمشيها لأنها تكون طويلة جدا وهنا أقول لمن لا يقدر أن يتحكم في أعصابه في لحظة غضب أن يذكر الله ويصلي على نبيه لأن هذه اللحظة كما يقال لحظة شيطان فكم من مآسٍ حصلت خلال لحظة غضب.
وتابع عادل السيد عن هذه العادة التي رأى أنها سلبية، وقال: للأسف أنا أحد الأشخاص الذين لا أقدر أن أملك نفسي عند الغضب في أحوال كثيرة وقد سبب لي ذلك مشاكل تطورت وأصبح حلها صعب وكانت بالعقل والحلم والهدوء تنتهي في مكانها ومن ذلك أنه في إحدى المرات وأنا في الشارع بالسيارة ارتكبت حادث تصادم وكان الطرف الآخر مخطئاً فنزلت من السيارة ولم أتمالك نفسي في تلك اللحظة فكان مصيري غرفة التوقيف وبعد أن هدأت اكتشفت أن الذي حصل والذي أوصلني إلى هذا المكان هو الغضب وعدم تحكيم العقل.
من ناحيتها تقول أمل أستغرب من الكثير من الناس سواء رجل أو امرأة لما يقوم به من تصرفات غير لائقة إذا أغضبه شخص ما حيث يتصرف بعشوائية وبهيجان ويرتكب حماقات يندم عليها في وقت لا ينفع الندم وقد حثنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أن نتحكم في أنفسنا خلال هذه اللحظة بل ونهانا عن الغضب وقال: (لا تغضب). لأن هذه اللحظة لا يتحكم الإنسان فيها بما يقول أو يفعل، وأنا عادة خلال وقت النقاش الذي يخرج في بعض الأحيان عن إطار العقل أمسك نفسي وأكظم غيضي وأترك المكان الذي أنا فيه حتى أهدأ وهذا يجعل الشخص الآخر الذي أغضبك يحس بالخطأ فيجب أن نحكم عقولنا خلال هذه اللحظة الصعبة.
حالة مرضية
وتشارك الأستاذة نوال العرادي أخصائية نفسية في هذا الموضوع برأيها وتقول:
الغضب وسرعة الانفعال من أهم العوامل المسببة للاضطرابات النفسية والتشويش الذهني واختلال التوافق واللباقة النفسية والاجتماعية. فالغضب لا يفرز إلا الضغينة والحقد وهو نار تحرق العقل وتسحق البدن وتصيبه بأمراض لا حصر لها.
ويتفق معظم علماء النفس على أن الغضب ضرورة لحماية النفس من عدوان العالم الخارجي.
ولكن عندما يصبح الفرد سهل الاستثارة يغضب لأتفه الأسباب وتزداد حدة انفعالاته لفترات طويلة فإنه سوف يعاني من أعراض التوتر المستمر والقلق المزمن وضعف التركيز والإعياء الذهني والبدني وفقد الرغبة في الاستمتاع بالحياة مع بعض الأعراض الاكتئابية وبالتالي يتحول إلى مرض. وهذا ما أكدته دراسات عديدة أن الغضب يتحول إلى مرض ويسبب مشاكل صحية في المستقبل مثل مرض القلب والسكر والسمنة. وعن أسباب الغضب تقول الأستاذة نوال: يرجع إلى أسباب خارجية أو داخلية فمن الممكن يكون السبب رئيس أو زميل في العمل أو خبرات تعرضه على الضيق مثل إلغاء رحلة سفر أو ذكريات مؤلمة تثير مشاعر الغضب عند استرجاعها.
كذلك هناك أسباب مثل الاضطرابات النفسية كالاكتئاب ثنائي القطب والتغيرات الهرمونية المرتبطة بالدورة الشهرية أو الإرهاق أو المرض أو الألم. ويستطيع الإنسان أن يقي نفسه من الغضب ويتعامل معه وذلك باتباع التعليمات الإسلامية وهو أن يستعيذ الغاضب بالله تعالى من الشيطان، و هناك طرق أخرى متعددة للتنفيس.
من ناحيته قال الدكتور ناصر العبيد مستشار الشؤون الدينية بالقوات الجوية: لقد ترجمت الحياة لكثير من الناس أن الغضب ما هو إلا هم على هم وغم على غم... لا يهدي لأصحابه إلا الويلات تلو الويلات... فذاك أصابه الضغط والسكر.. والآخر شابت شعيراته وتجعد وجهه، والثالث ارتكب من الحماقات ما أوبقت دنياه وأخرته.... فلماذا كل هذا ونحن فينا ما يكفينا... وما عسى الإنسان أن يفعل في أمور كتبها الله عليه امتحانا وبلاء، وما عساه أن يقدم الغضب من حلول حينما نخالجه بعوج لا طائل منه... إننا لا نلوم المرء في ردة فعل قد يجبر عليها لموقف من المواقف... لكنا نلومه إذا تعدى بغضبه حدود الله والأدب والأخلاق والمروءات التي لا تليق به في أمور لا تستحق المبالغات، ويكفينا موعظة عن تجنب الغضب أن نتبع هذه الآية حيث يقول عزَّ وجلَّ: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}، {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}... والله الله بحلم قدوتنا وحبيبنا الرسول الرحيم..
فاطمة الأحمدي أخصائية اجتماعية قالت: نحن المسلمون يجب علينا أن نقتدي بنبينا صلى الله عليه وسلم الذي حثنا على أن المؤمن تكمن قوته في حلمه وليس في قوته البدنية، وقال: القوي من يملك نفسه عند الغضب، والمؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف، وقد كان صلى الله عليه وسلم لا يرد على من يغضبه ولكن كان يزداد حلماً عليه الصلاة والسلام، فالحلم جميل والشيطان يجري في الإنسان مجرى الدم ولحظة الغضب يكون فيها الشيطان حاضرا فإما أن تمسك نفسك أو تتهور فترتكب عملاً تندم عليه وفي تلك اللحظة يحمر وجه الشخص الغضبان ويرتفع صوته وفي تلك اللحظة يجب عليه أن يجلس إذا كان واقفاً أو العكس أو يضطجع ولا يصدر قرارات في تلك اللحظة، بل يؤجلها حتى لا يظلم الطرف الآخر بتسرعه، وفي عصرنا الحالي مع تسارع وتيرة الحياة والضوضاء وكذلك الأجواء كل هذه عوامل مساعدة على الشحن النفسي وتجعل الإنسان يغضب بسرعة ولا يتحمل الآخرين وهذه للأسف من السلبيات التي يجب أن ننتبه لها وعلينا أن نضع أنفسنا مكان الآخرين وأن نحب لأنفسنا ما نحب أن يكون عليه الآخرين من الحلم والتروي والهدوء في لحظات الغضب ونقتدي برسولنا الكريم والتزام الأدب ومجتمعنا والحمدلله مجتمع مسلم والحلم والأخلاق من صفات المسلمين.