من الشعراء البارزين الذين فقدتهم الساحة الشعرية، إذ إنَّه منْ المكثرين في نظم المواعظ والزهد والحكمة، حتى ليحق أنْ نسميَّه ناظم الزهدِ والوعظِ باللهجة العاميَّة، أحدِّثكم عنه كما عرفتُه فاسمه سعود بن أحمد بن بداح الأسعدي من أساعدة عتيبه، ولد في الزلفي عام 1330هـ، ذو أخلاقٍ فاضلةٍ وعبادةٍ وتقوى وزهدٍ ظاهرٍ، رقيقُ القلب صادقُ اللهجة، ذو كرمٍ واحتفاءٍ بالضيف وتواضعٍ جمٍّ، قرأ على عددٍ من أهل العلم منهم الشيخ محمد بن زيد المنيفي وابنه زيد، كما كان ملازماً لأهل العلم والصلاح الذين منْ أبرزهم الشيخ العلاَّمة / حمود التويجري صاحب المؤلفات الشهيرة، وكان كثير الثناء عليه، ومما اذكرهُ أنَّه في إحدى الزيارات التي زرتُه ووالدي فيها لم نجده في بيته، وقيل إنَّه في المسجد فوجدناه قد انقطع عنْ الدنيا وأشغالها بقراءة القرآن الكريم.
إنَّ الشاعر البداح منْ جيلٍ تأصَّلتْ فيه شيمُ الرِّجال، جيل عرف هذه النعمة التي نعيشها لما ذاقه منْ مرارةِ عيشٍ وكدٍ وكدحٍ في بداية الحياة التي عاشوها، أفَتَرى ذلك الجيل ينسى للحظةٍ واحدةٍ نعمة الأمن التي نعيشها؟ أفَتَرَاهُ ينسى رغد العيش وطيب المطعم وحُسن الملبس؟ أفَتَرَاهُ ينسى كثرة الأموال في أيدي الناس بعد قلَّتِها؟ ولقد أهدى لوالدي قصائده التي قالها بعد صدور ديوانه فسجَّل له بصوته ما اختار من تلك قصائد في شريط -كاسيت- كقصيدة عروس الديوان في وصف بني الإنسان المسطورة في ديوانه (إتحاف المهتدي بنصائح الأسعدي) المطبوع عام 1412هـ، وهي من القصائد البديعة التي يبلغ عدد أبياتها خمسة وسبعين بيتاً قال في مطلعها:-
باسم اللهْ أبدا عددْ رمل العراقيبْ
واعدادْ ما هبَّتْ ذواريْ هواها
واعدادْ ما حجَّوا على شمَّخ النيبْ
واعدادْ ما تقفي وتقبلْ خطاها
وقصيدة يخاطبُ فيها بلده ويسائلها أين هم رجالها الذين بنوها وعمروها وما كانوا يتصفون به من صفاتٍ حسنةٍ؟ قال في مطلعها:
يا دار وين رجالك اللي بما فاتْ
اللي بنوك وعامرينٍ دروبكْ
يا دار وين رجالك اللي لهم ذاتْ
إلى بدا لك لازمٍ رحَّبو بكْ
وقصيدة رثاءٍ في الملك فيصل - رحمه الله - يصوِّر فيها عظم المصيبة التي أُصيب بها الناس لفقدهم إيَّاه قال في مطلعها:
يوم الثلوثا فادحٍ شيَّب الروسْ
والرجلْ عجزتْ لا تدّرجْ خطاها
أظلمْ علينا يومنا صارْ غطلوسْ
ولا عرفنا عصرها منْ عِشاها
وقصيدة رثاء في سماحة الشيخ الإمام عبدالعزيز ابن باز - رحمه الله - قال في مطلعها:
بسم الله المعبودْ هو فارج الهمْ
هو فارج الكرباتْ عند اكتربها
عبدالعزيز البازْ شيخٍ تغنَّمْ
حافظْ على السنةْ وقامْ بطلبها
وقصيدة رثاء في القاضي الشيخ حمود التويجري - رحمه الله - قال في مطلعها:
بسم اللهْ اللي دايم الدومْ معبودْ
اللهْ يقول ادعو ومنهْ الإجابهْ
وقد انتشر الشريطُ ونُسِخَ نُسَخَاً كثيرة ووزِّعَ على معارف شاعرنا وجُلسائه، كما لشاعرنا قصائد مؤثرة في الوعظ والنصح ونتمنى أنْ تعاد طباعة ديوانه مضافاً إليها جميع قصائده التي قالها بعد صدور الطبعة الأولى منه، وذلك من قبل المهتمين بسيرة الشاعر وقصائده، رحمه الله وغفر الله وأسكنه الفردوس الأعلى في الجنة آمين.
عمر بن عبدالله بن مشاري المشاري - خطيب جامع بلدة الداخلة في سديرMashri22@gmail.com