ليس جديداً أن يجحد الآخرون إسهامات دول الخليج العربي ومساعداتهم لدولهم وشعوبهم، وفي هذا الأمر يستوي العرب الأشقاء والأصدقاء من مسلمين وآسيويين وأقارقة.

اعتدنا منذ أن ظهر النفط في بلداننا وتحسن أسعاره أن يشد كثير من القادة عرباً وأصدقاء، آسيويين وأفارقة، الرحال صوب العواصم الخليجية لدعم موازناتهم وطلب مساهمات دول الخليج في إقامة مشاريع تنموية. الاستجابة الخليجية دائماً كانت حاضرة، والكرم العربي كان الظاهرة الأكثر وجوداً عبر أهل الخليج، ومع هذا يقابَل هذا بجحود ونكران يستفزان الإنسان الخليجي، ويجعلانه يشعر بأسى بل وبغضب لأنه يفتقر إلى الكثير من الخدمات ويُقدِّم الأموال لأشقائه وأصدقائه الذين هم أفضل حالاً في تلقي تلك الخدمات، ومع هذا يجحدون وينكرون، بل ينثرون الأكاذيب، كالدولة الشقيقة التي أعادت المملكة 60 في المائة مما دُمِّر من بنيتها الأساسية من طرق وكهرباء وجسور ومنازل، ومع هذا لا يتم الحديث إلا عن المال الحلال.. وكأن المال السعودي مال حرام!!

هذا معروف، ويعرفه القاصي والداني. أما القصص الأخرى التي أخذت تتكشف فهو استيلاء رؤساء الأنظمة والمعاونين لهم من وزراء ومديرين مسؤولين على ما يُقدَّم من مساعدات وأموال لتنمية تلك البلدان الشقيقة والصديقة، وبدلاً من أن تُستغل الأموال السعودية والخليجية في تنمية البلد المستهدَف، ورفع مستوى معيشة أهله، تتجه الأموال إلى بنوك سويسرا وأمريكا وبريطانيا؛ لتوضع في حسابات الرؤساء والوزراء؛ إذ ما إن تصل الأموال إلى عاصمة البلد المطلوب مساعدته حتى يتغير مسارها لترقد في حسابات الكبار!

هذه الأفعال جعلت المملكة العربية السعودية تُصِرُّ على أن يتم تنفيذ مشاريع المساعدات والتنمية عبر صندوق التنمية السعودي، وتحت إشراف مهندسين ومحاسبين من الصندوق. هذه الخطوة أغضبت بعض الرؤساء والأنظمة الذين أجَّلوا طرح وتقديم المشاريع، وبعضهم لم يجد حرجاً في القول «أعطونا الأموال ونحن ننفذ المشاريع»، وعندما لم يُستجب لابتزازهم أخذوا يستَعْدُون شعوبهم بأن الخليجيين «مقصرون ولا يهتمون بما تعيشون به من حرمان»! تحريض يتجاوز كل ما قدمته دول الخليج من مساعدات ومواقف، وقد حدث ذلك بعد أن تأكدت دول الخليج من أن ما تقدمه يذهب إلى أرصدة الكبار، وبعد أن تكفَّلت بإنجاز ما تقدمه من مساعدات ومشاريع تنموية تحت إشرافها، وأن يتم الصرف عن طريقها.

الأرقام والإحصاءات تقول إن المشاريع التنموية التي قدمتها دول الخليج العربي إلى الأشقاء بخاصة زادت وارتفعت معايير جدوى تنفيذها بعد أن تم الإشراف المباشر عليها من مُقدِّم المساعدات، ومع هذا تزداد مساحات النكران والجحود بعد أن قَلَّ منسوب تحويل الأموال إلى أرصدة المستفيدين من المتنفِّذين.