أضاع اليمنيون فرصة تاريخية كانت على وشك أن تعيد اليمن إلى طريق الاستقرار والهدوء والتفرغ لمعالجة القصور التنموي الذي جعل اليمن من أكثر الدول تراجعاً في تنفيذ برامج التنمية وتحقيقاً لمتطلبات الشعب الذي يعاني أقصى درجات الفقر؛ ولهذا فإن الانشغال في صراع سياسي وعراك على السلطة يجعل البلاد تنحدر أكثر إلى مستويات متدنية من النمو تهدد أوضاع اليمنيين. ولقد كان الكثير من هؤلاء المتضررين مما يحصل في بلدهم يأملون بأن يستغل القادة اليمنيون، سواء مَنْ هم في الحكم أو في المعارضة، وحتى الذين في ساحات التغيير، اهتمام دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لمعالجة اشتباك المصالح السياسية والحزبية، وقد تضافرت جهود هذه القوى الدولية والإقليمية التي دعمت وساندت المبادرة التي قدمتها دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي، التي وإنْ قُدِّمت باسم دول مجلس التعاون إلا أنها تحظى بدعم ومساندة الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي؛ إذ شهدت الأيام الخمسة التي قضاها الأمين العام لمجلس التعاون باليمن حصوله على دعم دبلوماسي أمريكي وأوروبي؛ إذ كان سفراء أمريكا والاتحاد الأوروبي وسفراء دول مجلس التعاون يقدمون الدعم السياسي والدبلوماسي لجهود الأمين العام لمجلس التعاون، وكانت جهود الخليجيين والأوربيين والأمريكيين على وشك أن تُتوِّج عبر التوقيع على المبادرة الخليجية، إلا أن أطراف الصراع السياسي أضاعوا الفرصة بعد أن اصطدمت بمواقفهم المتشددة من السلطة والمعارضة على حدٍ سواء؛ حيث رفض الرئيس اليمني التوقيع عليها بصفته الرئاسية، ولكن بصفته رئيساً لحزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم، وهو ما رفضته المعارضة، وربطت توقيعها على المبادرة بتوقيع صالح بوصفه رئيساً يقبل التنحي عن السلطة، وبعد رفض الرئيس صالح المقترح قُدِّم اقتراح آخر بتوقيع 15 شخصاً عن المعارضة ومثلهم عن السلطة على أن يوقِّع الرئيس صالح المبادرة مرتين، الأولى بصفته الحزبية والثانية بصفته الرئاسية.
في خضم هذا التداول من المبادرات والمقترحات ظل الأمين العام لمجلس التعاون منشغلاً طوال خمسة أيام، متنقلاً بين جميع الأطراف، سلطة ومعارضة وشباب التغيير، وكاد يحقق الغرض ويتم التوقيع على المبادرة التي أضاع اليمنيون فرصة توقيعها، وأضاعوا فرصة إنقاذ بلدهم وإعادته إلى طريق التنمية والاستقرار وحمايته من خطر الاقتتال والانقسام.