تعقيباً على مقال الأستاذ حمد القاضي في عدد الجزيرة (13960) وتاريخ (18-12-2010) وبخاصة الجدول الأول من (جداوله) الجميلة، وهو بعنوان: (النساء وشيمة الصبر) لي حول ذلك ثلاث وقفات:
* أولاً: قبل أن أنسى -أستاذ حمد- هناك جملة لا داعي لها في هذا الجزء (الجدول الأول) وهي: (وبخاصة بعض النساء) فقد ذكرت كلمة (بعض) في السطر الذي قبل هذه الجملة مباشرة، وعدم التكرار أفضل وأبلغ وأجمل، وتوضيحاً للقارئ أكرر ما ورد: (.... ونهاية بمكابدة بعض النساء من ظلم بعض الرجال وهضمهم لحقوقهن وبخاصة بعض النساء!.)ا.هـ.
* ثانياً: لا أخالفك الرأي بالنسبة لمعاناة الحمل وآلام الولادة، فلا شك هي من أصعب الأمور، لكن الله سبحانه وتعالى قد جبل المرأة على أن تتحمل ذلك، وليس هذا فحسب بل هي تسعد به على رغم مشقته، هكذا جُبلت، وتذهب الصعوبة والآلام بعد أن ترى مولودها، وتزداد سعادة عندما يرتقي الطفل بالمراحل التالية، فتنسى كل ألم.
ومع ذلك فهي تؤجر على آلامها، وأي أجر يعادله؟!! ومن هنا بدأ بر الوالدين، وحديثنا هنا عن الأم، استشعاراً بالمعاناة مع الولد التي تبدأ بالحمل مروراً بمصاعبه، ثم الولادة، ثم التربية، وكل مرحلة فيها ما فيها من المعاناة.
وهذا هو ابن عمر رضي الله عنه؛ إذ جاءه رجل فقال: (حملتُ أمي على رقبتي من خراسان حتى قضيت بها مناسك الحج أتراني جزيتها؟. قال: لا. ولا طلقة من طلقاتها). اللهم اجز نساء المسلمين خيراً عميماً في الدنيا والآخرة.
وأخيراً، إن كان المسلم يؤجر حتى بالشوكة يشاكها، أفلا تؤجر المرأة على هذه الآلام؟!. بالطبع تؤجر بإذن الله.
أما بالنسبة للرجال فهم يرون أن ذلك صعب جداً جداً لأنهم لا يتخيلون أنفسهم (حوامل) مثلاً، ذلك بسبب طبيعتهم وجبلتهم، باستثناء الذكور أصحاب الميول الأنثوية فهم خارج مدار الحديث.
وقد نشرت إحدى المجلات مقالاً حول إمكانية حمل الرجل، ومع المقال صورة لرجل منفوخ البطن (أي حامل)، قالت فيه إن هناك أبحاثاً طبية تجرى حول إمكانية زرع بويضة ملقحة خارج الرحم، بمكان في بطن الرجل يمكن أن تتغذى منه هذه البويضة، ولا سيما على جدار المعدة الخارجي، طبعاً المنظر كان مضحكاً والخبر كان طريفاً لكنه علمي ونتج بعد دراسة، والأطرف من ذلك ما قرأته حول أحد الرجال الهولنديين الذي يقول إن الرجل أراد أن يحمل بدلاً من زوجته، وعندما سئل عن السبب أجاب أنه لا يريد لها أن تتحمل أعباء الحمل دائماً فهو يريد أن يساعدها في ذلك!! انظروا لهذا القلب المرهف!!..
أما القوانين الإلهية و(فطرة الله التي فطر الناس عليها) فهي واضحة لا لبس فيها ومن غير المقبول جعل هذه الفطرة مادة للعب، ليس في هذا المجال فحسب بل في كل مجالات الحياة، لذلك نرى أن الإسلام وقف ضد كل شيء مخالف للفطرة.
لكن ما نسيه أصحاب هذه الدراسات الغريبة هو السؤال الآتي: ما هي قدرة الرجل على تحمل عبء أن يكون هناك جنين في بطنه؟!. وأقصد القدرة النفسية قبل البدنية لتقبل ذلك، وهو لن يكون، لشيء بسيط وهو الفطرة أو الجبلَّة التي جبل الله عليها الرجال، وهذا الأمر لا يمكن التلاعب فيه كما فعلوا في زرع الأجنة.
* ثالثاً: هنالك نساء مظلومات ومكبوتات في مجتمعاتنا العربية، من الأرامل والمطلقات وغيرهن، وهذا الكبت يجعل لهن أفواهاً تأكل ولا تتكلم، وإذا كان المجتمع يحميهن كالمجتمعات الغربية مثلاً لتكلمت الكثيرات من المطلقات والأرامل عن حقهن في أن يتزوجن مرة ثانية، ولتكلمت صاحبة الإرث التي (نسي) إخوتها أن يعطوها حقها!! ولتكلمت صاحبة الوظيفة التي عضلها أبوها أو أخوها، بل لفعلت دون أن تتكلم، لكنَّ كثيراً من الناس يرون أنه عيب، ولا يجوز، ولا يمكن، ومستحيل... إلخ، مع أن الدين لم يفرق بين الرجل والمرأة في الحقوق الشرعية هذه.
وأخيراً تحية للأستاذ حمد القاضي، ولكل من يرى ويطبق سنة رسولنا صلى الله عليه وسلم حين قال: (رفقاً بالقوارير).
أحمد عزو - الرياض
Ahmadez69@yahoo.com