كثير من الناس ينهمكون في أداء العبادات على اختلاف أنواعها من صلاة فريضة ونوافل وسنن ورواتب و... كما يحرصون على تكرار الحج والعمرة والنفل رغم أن من تركها بقصد التوسعة على المسلمين فأجره بتركها أكثر من أجره بفعلها.. كما أفتى بذلك (ابن باز رحمه الله)...
كما يحرصون على أداء الزكاة والصدقات و هذا فضلاً عن تحفيظ القرآن وإعمار المساجد.. علماً أن كثيراً من هذه الأمور على عظمها وأهميتها لاتعد سنة!!
حتى ترى بعضهم يأتي إلى المسجد مسرعاً، ويوقف سيارته بباب المسجد تماماً.. مما يمنع دخول عربات المعاقين، ويضيق على الداخلين، وكأن الناس قطط يذهبون يمنة ويسرة من بين المداخل، وسيارته الملصقة بالباب تماماً حتى لا تفوت صاحبنا ركعة!!
علماً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة..) وقال أيضاً: (إذا أتيتم المسجد فامشوا وعليكم السكينة والوقار فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا..) فأين السكينة والوقار من هذا الطائش المؤذي؟!!
هذا فضلاً عن وضع الأحذية كيف ما اتفق بوجه الداخل أكرمكم الله!! وقد أفتى ابن عثيمين- رحمه الله - بعدم جواز ذلك، بل لابد أن نضعها في مكانها المخصص احتراماً للمصلين وتقديراً لكرامتهم.
الشاهد أن الكثير من الناس من مواطنين ووافدين يجهدون جهدهم ويبذلون قصارى طاقتهم في أداء العبادات وخصوصاً النوافل منها على أكمل وجه.. علماً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله: ( ما تقرب إلى عبدي بأحب مما افترضته عليه!! فالعبرة بأداء الفريضة على الوجه المطلوب.. بل قال تعالى: ? فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا?، فهنا قال: فليعمل عملاً صالحاً.. لا كثيراً!!!
أقول لا يألون وسعاً في هذه النوافل.. لكنهم في الجانب الآخر الذي هو جانب المعاملات، التعامل مع الناس ربما يحتاج إلى بعض الترميم!! حيث لا يخلو من بعض التصدعات، والهفوات، ويعلم الله أنني لا أقصد بهذا المقال المستقيمين فحسب، بل كل الناس هكذا يفعلون.. وهذا مناقض للبعثة النبوية الكريمة: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)..
من لي بإنسان إذا أغضبته
وجهلت كان الحلم رد جوابه
وإذا صبوت إلى المدام، شربت
من آدابه، وسكرت من أخلاقه!!!؟
إذا لدينا تناقض وازدواجية في تناول الشرع، لأن هذه العبادات لو أديت على الوجه المطلوب لكانت رادعا عن رعونة الأخلاق، والجهل والسفه، والمماطلة في تسديد الأموال، وأكل أموال الناس بالباطل، واحترام الآخرين أثناء قيادة السيارة، وسواء معاملة الزوجة، وخيانة الأمانة في العمل وغيرها.. (لأن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر!!)، لذلك نهى سبحانه عن أخذ بعض أمور الشرع وإهمال بعضها فقال: ( يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة)، أي أدوا شعائر الإسلام كلها.. لا تأخذوا شيئاً وتتركوا أشياء أخرى، فتكونون كالذين يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض.
إن العشرة المبشرين بالجنة لم يدخلوا في الإسلام بالخطب الرنانة وإنما دخلوا بالأخلاق الحميدة، والسيرة العطرة ولين الجانب.. بل دول بأكملها وإن شئت فقل أكبر حواضر العالم الإسلامي دخلها الإسلام عن طريق التجار العرب.. أي بحسن تعاملهم، وكمال أمانتهم وسمو خلافتهم..
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا!!
أيها الفضلاء: إن الذين يوغلون ويتباكون لأداء الفضائل والمسنونات وهم يقعون في الكبائر والموبقات، ما حالهم الاكحال الذين يقتلون (الحسين) سيد شباب أهل الجنة ثم يتورعون عن (دم الذبابة) هل ينقض الوضوء أم لا؟!! والسلام عليكم،،
- محافظة رياض الخبراء