هناك مفهوم شائع بين الناس بأن إنهاء إجراءاتهم ومعاملاتهم لا يتحقق إلا بالواسطة، فالشخص الذي يرغب التوظيف لن يحصل له ذلك إلا إذا كان له معرفة أو واسطة تساعده للحصول على الوظيفة، والشخص الذي له معاملة في جهة حكومية أو غيرها لن تنتهي تلك المعاملة إلا.....
..... بالواسطة، والشخص الذي سوف يسافر بالطائرة لن يحصل له مقعد بها إلا بالواسطة، والمواطن الذي سوف ينشئ له بيتاً لن يحصل على موافقة البلدية إلا بالواسطة، ولن يصل إلى منزله التيار الكهربائي أو الهاتف أو أنابيب الماء إلا بالواسطة، بل قد بالغ البعض في مفهوم الواسطة إلى درجة أن بعضهم يلجأ إليها عند تسديد الفواتير، وفي إنهاء إجراءات السفر أو القدوم حتى لا يكلف نفسه بالوقوف في الطوابير النظامية ونحو ذلك.
الواسطة تعني المساعدة في تحقيق رغبة الشخص من قبل أحد أقاربه أو معارفه الذي يعمل في جهة عامة أو خاصة في إنهاء معاملته بما يتفق مع رغبته وهي تعرف في الشريعة الإسلامية بالشفاعة {مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا} (85) سورة النساء، إلا أن الشريعة لا تقر الواسطة أو الشفاعة التي تؤدي لتعطيل الأحكام أو الأنظمة أو الإضرار بالآخرين {وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا وَكَانَ اللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتًا} (85) سورة النساء.
فالرسول عليه الصلاة والسلام اعترض على قريش لما جاءته في عدم إقامة حد السرقة على المرأة المخزومية حيث قال قولته المشهورة لأسامة بن زيد رضي الله عنه: (أتشفع في حد من حدود الله)، والشأن كذلك في الأنظمة الوضعية المعاصرة، فهذه الأنظمة أو القوانين وردت بنصوص عامة ومجردة يتم تطبيقها على من تتوفر لديه شروطها ولم يرد بها استثناءات من ذلك كما لم يرد بها ما يعرف بالواسطة.
ومن ذلك يتبين أن الواسطة أو الشفاعة تكون في الأمور التي لا تؤدي إلى تعطيل الأنظمة أو مخالفتها أو الإضرار بحقوق الآخرين.
وفي المملكة تعد الواسطة السيئة التي تؤدي إلى تعطيل الأنظمة في حكم الرشوة، فقد ورد في نظام مكافحة الرشوة (كل موظف عام طلب لنفسه أو غيره أو قبل أو أخذ وعداً أو عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته ولو كان مشروعاً يعد مرتشياً ويعاقب بالسجن مدة لا تزيد عن عشر سنوات وبغرامة لا تزيد عن مليون ريال أو بإحداهما) فالواسطة التي تقدم أحداً على غيره بدون وجه حق مرفوضة، فالمواطن الذي يرغب الحصول على وظيفة رسمية دون مسابقة أو بدون قواعد المفاضلة بين الخريجين ويبحث عن واسطة لمساعدته في ذلك يعتبر طلبه غير نظامياً ولن يجد من يساعده في ذلك وهكذا.
لذلك فإنه ينبغي عندما يكون لأي منا معاملة لدى أي جهة أن يسلك الطرق النظامية لمتابعتها فإن كانت تلك الطرق أو الأساليب غير واضحة لنا فلنلجأ لمن يوضحها لنا إذ إن كثيراً من المعاملات تنتهي بدون الحاجة إلى أن نبحث على من يساعدنا في إنهائها.
إننا بهذا الأسلوب نكون قد سلكنا الطريق الصحيح في متابعة المعاملات وفي نفس الوقت وفرنا وقت وجهد الآخرين الذي قد يبذل بدون حاجة له، ذلك أن كثيراً من الإخوة عندما يكون لأي منهم معاملة أو موضوع في جهة إدارية سواء كانت هذه المعاملة سهلة أو صعبة يلجأ فوراً لمن يساعده في إنهائها وكأن القاعدة في إنهاء المعاملات هي الواسطة أو المعرفة، نعم قد يكون هناك نوعاً من الواسطة المرفوضة ولكنها تتم في حالات محدودة ومحصورة في بعض الأمور غير المنظمة بنصوص وقواعد واضحة.
إن التوجيهات السامية في هذا الصدد تؤكد وباستمرار على ضرورة خدمة المراجعين والعناية بمعاملاتهم كما أن كل وزير يخصص يوماً أو أكثر في الأسبوع لاستقبال المراجعين والنظر في معاملاتهم، كما أنه يوجد في كل وزارة أو مصلحة حكومية مكتباً لخدمة المراجعين فلماذا القلق؟! ولماذا نلجأ في كل مرة إلى طلب المساعدة في إنهاء معاملاتنا مادام أن العملية قد نظمت وأن معاملاتنا سوف يتخذ عليها الإجراء المناسب بدون أن نلجأ إلى أحد لكي يساعدنا في إنهائها، ثم إنه لو حدث أن تأخر اتخاذ الإجراء المناسب حيال معاملة معينة بسبب الإهمال واللامبالاة من بعض الموظفين فإنه بإمكان صاحبها اللجوء إلى الوسائل المشروعة كأن يقوم بتقديم شكوى للمشرف على الجهة الإدارية التي توجد بها معاملته والذي سيقوم باتخاذ الإجراء الذي يضمن سير المعاملة ومعاقبة المتسبب في تأخيرها.
Asunaidi@mcs.gov.sa